أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
٨٧ - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ فِي سَفَرٍ، فَرَأَى رَجُلًا قَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَقَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، فَقَالُوا: هَذَا رَجُلٌ صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ: «لَيْسَ الْبِرُّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ»
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
٨٨ - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ مِثْلَ ذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقَالُوا: رَجُلٌ قَدْ جَهَدَهُ الصَّوْمُ، فَقَالَ: «لَيْسَ الْبِرُّ الصِّيَامَ فِي السَّفَرِ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: " فَهَذَا الْحَدِيثُ مُفَسِّرٌ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِنَّمَا أَرَادَ بِرُخْصَتِهِ فِي الْإِفْطَارِ الْيُسْرَ، فَإِذَا بَلَغَ الْإِنْسَانُ مِنْ نَفْسِهِ هَذِهِ الْحَالَ كَانَ رَاغِبًا عَنْ يُسْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى عُسْرِهِ، فَهُنَاكَ جَاءَتِ الْكَرَاهَةُ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الْبِرُّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ»، وَلَمْ يَقُلْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ، وَإِسْقَاطُ الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ مِنْ هَاهُنَا أَبْيَنُ مَعْنًى؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ: لَيْسَ الْبِرُّ أَنْ تَصُومُوا كُلَّهُ -[٥٤]- صَوْمَكُمْ فِي السَّفَرِ يَقُولُ: فَقَدْ يَكُونُ الْإِفْطَارُ فِي السَّفَرِ بِرًّا أَيْضًا، فَإِذَا كَانَ الْمُسَافِرُ مُطِيقًا لِلصِّيَامِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ فِيهِ فَالصِّيَامُ وَالْإِفْطَارُ مُبَاحَانِ لَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَصَحَابَتِهِ، فَإِذَا أَقَامَ الْمُسَافِرُ وَصَحَّ الْمَرِيضُ فَالْأَدَاءُ عَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ، لَيْسَ لَهُمَا غَيْرُهُ مِنَ الطَّعَامِ وَلَا سِوَاهُ؛ لِقَوْلِهِ فِي مُحْكَمِ الْآيَةِ: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٤]، فَهَذِهِ حَالُ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ: فَالشُّيُوخُ وَالْعُجُزُ الَّذِينَ قَدْ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الصِّيَامِ هَرَمًا وَكِبَرًا وَلَا يُرْجَى لَهُمَا قُوَّةٌ تَئُوبُ إِلَيْهِمْ، فَيَقْضُوهُ صَوْمًا، فَهُمُ الَّذِينَ قَالَ الْعُلَمَاءُ فِيهِمْ: إِنَّ الْآيَةَ الَّتِي فِي قَوْلِهِ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤] قَدْ صَارَتْ مُحْكَمَةً لَهُمْ وَمَنْسُوخَةً لِغَيْرِهِمْ، وَهَذَا الَّذِي رَآهُ ابْنُ شِهَابٍ بِقَوْلِهِ: وَبَقِيَتِ الْفِدْيَةُ لِلْكَبِيرِ الَّذِي لَا يُطِيقُ الصِّيَامَ وَالَّذِي يَعْرِضُ لَهُ الْعَطَشُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ تَتَابَعَتْ بِهِ الْآثَارُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ أَيْضًا "