أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
١٠٤ - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: وَسَمِعْتُ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَخَالِدَ بْنَ الدُّرَيْكِ، يَقُولَانِ فِي الشَّيْخِ: «إِنِ اسْتَطَاعَ الصَّوْمَ صَامَ، وَإِلَّا فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ»
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
١٠٥ - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَابْنُ بُكَيْرٍ كِلَاهُمَا، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ: " لَا أَرَى ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَيْهِ قَالَ: وَأَحِبُّ أَنْ يَفْعَلَهُ، فَإِنْ فَعَلَ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مُدٌّ وَاحِدٌ بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: " وَكِلَا الْفَرِيقَيْنِ إِنَّمَا قَصَدَ إِلَى أَنَّهُ الْإِطَاقَةُ فِيمَا نَرَى -[٦٢]- وَإِيَّاهَا تَأَوَّلَ، إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْمَذْهَبِ، فَمَنْ أَسْقَطَ الْفِدْيَةَ عَنِ الْكَبِيرِ، فَإِنَّهُ رَجَعَ إِلَى أَصْلِ الْفَرْضِ فِي الصِّيَامِ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَبْلَ النَّسْخِ عَلَى الْمُطِيقِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَخَيْرُهُمْ بَيْنَ أَنْ يَصُومُوا أَوْ يُطْعِمُوا، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤]، ثُمَّ نَسَخَ الْفِدْيَةَ عَنْهُمْ وَأَلْزَمَهُمُ الصَّوْمَ حَتْمًا، وَسَكَتَ عَمَّنْ لَا يُطِيقُ، فَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْآيَةِ، فَصَارَ فَرْضُ الصِّيَامِ زَائِلًا عَنْهُمْ، كَمَا زَالَ فَرْضُ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ عَنِ الْمُعْدَمِينَ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَيْهِمَا سَبِيلًا فَهَذِهِ حُجَّتُهُمْ، وَأَبَى الْآخَرُونَ ذَلِكَ، فَذَهَبُوا فِيمَا نَرَى إِلَى أَنَّ الزَّكَاةَ وَالْحَجَّ لَا يُشْبِهَانِ الصِّيَامَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ مِنَ الصَّوْمِ بَدَلًا أَوْجَبَهُ عَلَى كُلِّ مَنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصِّيَامِ وَهُوَ الْفِدْيَةُ كَمَا جَعَلَ التَّيَمُّمَ بَدَلًا مِنَ الطُّهُورِ وَاجِبًا عَلَى كُلِّ مَنْ أَعْوَزَهُ الْمَاءُ، وَكَمَا جَعَلَ الْإِيمَاءَ بَدَلًا مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَلَى مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِمَا، وَلَمْ يَجْعَلْ مِنَ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ بَدَلًا عَلَى مَنْ لَمْ يَجِدْ إِلَيْهِمَا سَبِيلًا، فَهَذَا هُوَ الْحَدُّ الْمُفَرِّقُ بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ، وَإِلَى هَذَا الْقَوْلِ كَانَ يَذْهَبُ مَنْ ذَكَرْنَا مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي إِيجَابِ الْفِدْيَةِ عَلَى الشَّيْخِ وَالشَّيْخَةِ، وَبِهَذَا كَانَ يَأْخُذُ سُفْيَانُ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ يَرَوْنَ الْفِدْيَةَ وَاجِبَةً عَلَى الْكَبِيرِ، إِلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: لِكُلِّ يَوْمٍ نِصْفُ صَاعٍ، وَقَالَ الْآخَرُونَ: يُجْزِيهِ الْمُدُّ مِنْ ذَلِكَ، فَهَذِهِ الطَّائِفَةُ الثَّالِثَةُ. وَأَمَّا الرَّابِعَةُ: فَالْحَوَامِلُ وَالْمَرَاضِعُ، وَفِيهِنَّ اخْتَلَفَ النَّاسُ، قَدِيمًا وَحَدِيثًا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا ضَعُفْنَ عَنِ الصِّيَامِ وَخَافَتْ إِحْدَاهُنَّ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ وَلَدِهَا أَفْطَرَتْ وَأَطْعَمَتْ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، فَإِذَا فَطَمَتْ وَلَدَهَا قَضَتْهُ، فَأَوْجَبُوا عَلَيْهِمَا الْإِطْعَامَ وَالْقَضَاءَ جَمِيعًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَلَيْهِمَا الْإِطْعَامُ وَلَا قَضَاءَ، وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ وَلَا إِطْعَامٌ، وَمِمَّنْ رَأَى الْإِطْعَامَ مَعَ الْقَضَاءِ ابْنُ عُمَرَ، وَمُجَاهِدٌ "


الصفحة التالية
Icon