يختم القرآن (١). وقال بعض العلماء: إن ذلك يختلف باختلاف حال الشخص في النشاط والضعف والتدبر والغفلة (٢).
المبحث الثالث أصل القراءات القرآنية
القراءات القرآنية من أهم علوم القرآن، صرف إليها العلماء كثيرا من عنايتهم وجهودهم من لدن عصر الصحابة، رضوان الله عليهم، إلى عصرنا هذا، رواية وتعليقا وتأليفا، وموضوع القراءات شديد الصلة بنص القرآن الكريم، لأنه يعنى بكيفية النطق بألفاظ القرآن، وتحقيق الروايات المنقولة في ذلك عن أئمة القراءة.
وقد صار كثير من مباحث هذا العلم أقرب إلى دائرة البحث التأريخي بعد أن انتشرت في معظم بلدان العالم الإسلامي قراءة واحدة من القراءات القديمة المشهورة، وهي قراءة عاصم بن أبي النّجود الكوفي، المتوفى سنة ١٢٧ هـ، التي تضبط عليها أكثر المصاحف المطبوعة في عصرنا، وزالت القراءات الأخرى من ميادين التلاوة والتعبد بقراءة القرآن، إلى ميادين البحث والدراسة والرواية في دور العلم ومعاهد الإقراء.
وهناك سببان، في الأقل، يحملان الدارس على النظر في موضوع القراءات والبحث في أصلها، الأوّل: انتشار التسجيل الصوتي لقراءات قرآنية غير قراءة عاصم، يعجز كثير من الناس في زماننا عن فهم حقيقتها ومعرفة أصلها، فتكون لذلك موضع تساؤل وتشويش لا يزيله إلا الوقوف على تأريخ هذا الموضوع وتفصيلاته. والثاني: إن علم القراءات من أكثر علوم القرآن الكريم بحثا وتأليفا،
(٢) النووي: التبيان ص ٢٧، والزركشي: البرهان ١/ ٤٧١.