طفلا وناشئا وكهلا، لاشتدّ ذلك عليه، وعظمت المحنة للعادة. فأراد الله برحمته ولطفه أن يجعل لهم متسعا في اللغات ومتصرفا في الحركات، كتيسيره عليه في الدين... » (١).
ثانيا- معنى الأحرف السبعة:
ولم تكن تلك الأحرف تتجاوز تنوع صور النطق إلى اختلاف المعاني، على نحو ما نقل محمد بن شهاب الزهري (ت ١٢٤ هـ) عن الصحابة، فقد قال الإمام مسلم بن الحجاج في صحيحه «قال ابن شهاب: بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما هي الأمر الذي يكون واحدا، لا يختلف في حلال ولا حرام» (٢). أي أن الألفاظ المختلف في قراءتها لا يتغير معناها، وإنما الذي يتغير هو النطق فقط.
ولم يرد في روايات هذا الحديث ما يحدد المراد بالأحرف السبعة، ولم ينقل عن الصحابة ما يوضح ذلك أيضا، غير ما نقله ابن شهاب عنهم في قوله:
بلغني أن تلك السبعة الأحرف، ومن ثم فإن العلماء اجتهدوا في تفسيرها بعد اتفاق جمهورهم على أنها تخص النطق والقراءة، لا اختلاف المعاني والأحكام (٣).
ويمكن أن نلخص جهود العلماء في تفسير الأحرف السبعة في اتجاهين:
الاتجاه الأول:
أن عدد السبعة الواردة في الحديث لا يقصد به الحصر وأنه ليس المراد بالسبعة حقيقة العدد، بل المراد التيسير والتسهيل والسعة، ولفظ
(٢) صحيح مسلم بشرح النووي ٦/ ١٠١، وينظر: سنن أبي داود ٢/ ٧٦.
(٣) حظي موضوع الأحرف السبعة باهتمام واسع من لدن علماء القرآن، وقد أفرده بعضهم برسائل أو كتب مستقلة، مثل كتاب (الإبانة عن معاني القراءات) لمكي بن أبي طالب القيسي (ت ٤٣٧ هـ)، وكتاب (المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز) لأبي شامة المقدسي (ت ٦٦٥ هـ)، وكتاب (الكلمات الحسان في الحروف السبعة وجمع القرآن) للشيخ محمد بخيت المطيعي (ت ١٣٥٤ هـ).