وكان بعده الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، جمع كتابا حافلا سماه الجامع، فيه نيّف وعشرون قراءة (١)، توفي سنة عشر وثلاث مائة» (٢).
وليس في أيدي الدارسين اليوم تحديد لأسماء أولئك القراء الذين ضمت تلك المؤلفات قراءاتهم، لكن قطعة من كتاب القراءات لأبي عبيد نجت من التلف يمكن أن تكشف لنا عددا من تلك الأسماء، فقد نقل علم الدين السخاوي (ت ٦٤٣ هـ) في كتابه (جمال القراء) نصا طويلا من كتاب القراءات لأبي عبيد، من المحتمل أن يكون جزءا من مقدمة ذلك الكتاب، وجاء فيه ذكر لأسماء القراء من الصحابة ثم التابعين في الأمصار الخمسة، ثم قال أبو عبيد بعد ذلك:
«فهؤلاء الذين سميناهم من الصحابة والتابعين هم الذين يحكى عنهم عظم القراءة، وإن كان الغالب عليهم الفقه والحديث.
قال: ثم قام من بعدهم بالقرآن قوم ليست لهم أسنان من ذكرنا ولا قدمتهم، غير أنهم تجردوا للقراءة، واشتدت بها عنايتهم ولها طلبهم، حتى صاروا بذلك أئمة يأخذها الناس عنهم ويقتدون بهم فيها، وهم خمسة عشر رجلا من هذه الأمصار المسماة، في كل مصر منهم ثلاثة رجال:
فكان من قراء المدينة:
١ - أبو جعفر القارئ، واسمه يزيد بن القعقاع [ت ١٣٠ هـ] (٣) مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي.
٢ - وشيبة بن نصاح [ت ١٣٠ هـ على خلاف]، مولى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
٣ - ونافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم [ت ١٦٩ هـ].

(١) قال ياقوت (معجم الأدباء ١٨/ ٦٥): «أن الطبري بنى كتابه على كتاب أبي عبيد».
(٢) النشر ١/ ٣٤ - ٣٥.
(٣) أضفت تواريخ الوفيات إلى النص.


الصفحة التالية
Icon