العصر... » (١). وقال أبو حيان الأندلسي: «إن ما جاء مخالفا لخط المصحف هو «في الحقيقة تفسير لا قراءة» (٢).
ويؤيد هذا المذهب في فهم القراءات المخالفة لخط المصحف ما روي عن مجاهد بن جبر المكي (ت ١٠٣ هـ) تلميذ ابن عباس أنه قال: «لو كنت قرأت قراءة ابن مسعود لم أحتج أن أسأل ابن عباس عن كثير من القرآن، مما سألت» (٣).
قال شارح سنن الترمذي: «أي لما وقع في قراءته من تفسير كثير من القرآن» (٤).
ذلك هو معنى القراءة الشاذة وموقف العلماء منها، لكن ابن مجاهد (ت ٣٢٤ هـ) حين ألّف كتاب (السبعة في القراءات) وضمنه القراءات الصحيحة المشهورة قد أوحى بمعنى جديدة للقراءة الشاذة وهو أن كل ما عدا القراءات السبع شاذ، لا سيما أنه ألّف كتابا ذكر فيه (شواذ القراءة) الذي شرحه ابن جني في كتابه (المحتسب). قال ابن جني «وأنا بإذن الله بادئ بكتاب أذكر فيه أحوال ما شذ عن السبعة، على أننا ننحي فيه على كتاب أبي بكر أحمد بن موسى بن مجاهد، رحمه الله، الذي وضعه لذكر الشواذ من القراءة» (٥).
وشاع في القرن الرابع هذا المفهوم الجديد للقراءة الشاذة، فإلى جانب دلالة هذا المصطلح على القراءات المخالفة لخط المصحف صار يعني أيضا ما عدا القراءات السبع، حتى وإن كانت موافقة للخط، وقد ألف أبو طاهر بن أبي هاشم تلميذ ابن مجاهد كتابا في (شواذ السبعة) (٦)، كما أن ابن النديم تأثر بهذا
(٢) البحر المحيط ٧/ ٦٥.
(٣) الداودي: طبقات المفسرين ٢/ ٣٠٦.
(٤) تحفة الأحوذي ٨/ ٢٨٢.
(٥) المحتسب ١/ ٣٤ - ٣٥.
(٦) ابن النديم: الفهرست ص ٣٥.