التي ينشأ عليها أهل العراق (١). وهذا دليل تاريخي يؤكد سيادة قراءة عاصم في العراق في القرن الثامن الهجري.
ونلتقي بنص آخر من القرن الثاني عشر الهجري يدل على انتشار قراءة عاصم إلى مناطق خارج العراق، فهذا محمد المرعشي المتوفى سنة ١١٥٠ هـ يقول:
والمأخوذ به في ديارنا قراءة عاصم برواية حفص عنه (٢)، وهو يعني بلدته مرعش، وهي مدينة بين الشام وبلاد الروم (٣). وهي اليوم تابعة لتركيا تقع جنوبيها.
ولعل اختراع المطابع وطباعة المصاحف بها قد ساعد على انتشار قراءة عاصم أيضا، فأول مصحف أخرجته المطابع ورأى النور كان في سنة (١٦٩٤ م- ١١٠٦ هـ تقريبا) الذي وقف على طبعة هنكلمان في مدينة هامبورج بألمانيا، وكان مضبوطا على قراءة عاصم (٤).
وخلاصة القول في هذا الأمر أن قراءة عاصم انتشرت في الأمصار الإسلامية في وقت مبكر، وسادت في كثير من البلدان، لا سيما في العراق وما حوله من بلدان المشرق الإسلامي منذ القرن الثامن الهجري في الأقل، وأن القرون اللاحقة شهدت سيادتها في مناطق أخرى.
أما عاصم صاحب القراءة فهو عاصم بن أبي النّجود أبو بكر الأسدي، مولاهم، الكوفي، وقيل إن اسم أبيه بهدلة، وقيل هو اسم أمه، وأن اسم أبيه هو عبد الله (٥)، ومهما يكن من أمر فإنه اشتهر باسم عاصم بن أبي النّجود. وكان من
(٢) جهد المقل ص ٢٩٣.
(٣) صفي الدين البغدادي: مراصد الاطلاع ٣/ ١٢٥٩.
(٤) تراجع الفقرة الخاصة بطباعة المصحف في الفصل الثاني من هذا الكتاب.
(٥) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل ٦/ ٣٤٠، وابن الجزري: غاية النهاية ١/ ٣٤٦.