شيوخه في القراءة جماعة من علماء القراءة من التابعين في الكوفة، منهم أبو عبد الرحمن السّلمي، وزرّ بن حبيش، وأبو عمرو سعد بن إياس الشيباني (١).
أما أبو عبد الرحمن السّلمي فاسمه عبد الله بن حبيب بن ربيعة ولد في حياة النبي ﷺ وكانت لأبيه حبيب صحبة، قال أبو عبد الرحمن: كان أبي قد شهد مع رسول الله ﷺ المشاهد (٢)، وكانت نشأته في المدينة، فتلقى العلم من كبار الصحابة الذين أدركهم: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، وأبي بن كعب (٣). وكان زيد بن ثابت أكثر من أخذ القراءة عنه، فيروى أنه أتى عثمان بن عفان للقراءة عليه، فقال إنك تشغلني عن أمور الناس، ولكن اذهب إلى زيد بن ثابت فاقرأ القرآن عليه (٤).
وحين أمر عثمان بن عفان بانتساخ المصاحف وإرسالها إلى الأمصار بعث مع مصحف أهل الكوفة أبا عبد الرحمن السلمي (٥)، فاقام في الكوفة بعد ذلك، قال ابن مجاهد: «وأول من أقرأ بالكوفة القراءة التي جمع عثمان، رضي الله تعالى عنه، الناس عليها أبو عبد الرحمن السّلمي، واسمه عبد الله بن حبيب، فجلس في المسجد الأعظم، ونصب نفسه لتعليم الناس القرآن، ولم يزل يقرئ بها أربعين سنة... وكان أخذ القراءة عن عثمان وعن علي بن أبي طالب وزيد ابن ثابت وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب، رضي الله عنهم. وكان يقول:
قرأت على أمير المؤمنين علي، رضي الله عنه، القرآن كثيرا، وأمسكت عليه المصحف، فقرأ عليّ. وأقرأت الحسن والحسين، رضي الله تعالى عنهما، حتى
(٢) ابن عبد البر: الاستيعاب ١/ ٣٢٣.
(٣) ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل ٥/ ٣٧، وابن الجزري: غاية النهاية ١/ ٤١٣.
(٤) الذهبي: معرفة القراء ١/ ٤٨.
(٥) المارغني: دليل الحيران ص ١٧.