مكيّها ومدنيّها، وناسخها ومنسوخها، وخاصّها وعامّها، ومطلقها ومقيّدها، ومجملها ومفسرها» (١).
وقال الشريف الجرجاني: «التفسير في الأصل هو الكشف والإظهار، وفي الشرع: توضيح معنى الآية، وشأنها، وقصتها، والسبب الذي نزلت فيه، بلفظ يدل عليه دلالة واضحة» (٢).
ولعل علم التفسير من أقدم العلوم الإسلامية نشأة وتدوينا، فقد ارتبطت نشأته بنزول القرآن الكريم وتعلمه وتلاوته، وكان رسول الله ﷺ أول مفسر للقرآن، ثم خلفه من بعده العلماء من أصحابه، لا سيما عبد الله بن عباس الملقب بترجمان القرآن، ثم يأخذ التابعون العلم عن الصحابة، وظهر منهم مفسرون مشهورون، ظلت جهودهم في التفسير موضع تقدير العلماء من بعدهم.
وتوسّع التفسير في عصر تابعي التابعين، ثم تعددت مناهج المفسرين بعد ذلك، فنجد من المفسرين من اعتنى بجمع التفسير المأثور عن النبي ﷺ وأصحابه والتابعين، ومن المفسرين من اعتنى بالجانب اللغوي من القرآن على نحو ما نجد في كتب (معاني القرآن)، ومن المفسرين من اعتنى بآيات الأحكام الفقهية، كما في كتب (أحكام القرآن). وهكذا تعددت مناهج المفسرين وكثرت التفاسير، وهي تعكس في ذلك تنوع ثقافة العلماء في العصور الإسلامية، وتنوع اهتماماتهم العلمية أيضا.
ولم ينقطع جهد علماء المسلمين في توضيح معاني القرآن في أي عصر من العصور، إلا أن طبقة العصر وثقافة أهله كانت تنعكس على مناهج المفسرين، ومن ثم فلا غرابة أن نجد في العصر الحديث نزعات تجديدية في تفسير القرآن،

(١) البرهان ٢/ ١٤٨.
(٢) التعريفات ص ٤٠.


الصفحة التالية
Icon