الأمم والملوك) وكتاب في (التفسير) لم يصنّف أحد مثله، وكتاب سماه (تهذيب الآثار) لم أر سواه في معناه، إلا أنه لم يتمه، وكتاب حسن في القراءات سماه (الجامع)، وله في أصول الفقه وفروعه كتب كثيرة، واختار من أقاويل الفقهاء، وتفرد بمسائل حفظت عنه» (١).
وتفسير الطبري المسمى (جامع البيان عن تأويل آي القرآن) عظيم القدر، عرف قيمته القدماء والمعاصرون. قال عنه أبو حامد الأسفراييني: «لو رحل رجل إلى الصين في تحصيله لم يكن كثيرا» (٢). ووصف ابن تيمية تفسير الطبري بأنه من أجل التفاسير وأعظمها قدرا (٣). وقال السيوطي: «فإن قلت: فأي التفاسير ترشد إليه، وتأمر الناظر أن يعوّل عليه؟ قلت: تفسير الإمام أبي جعفر بن جرير الطبري، الذي أجمع العلماء المعتبرون على أنه لم يؤلف في التفسير مثله» (٤).
وتفسير الطبري من أكبر كتب التفسير، يقع في ثلاثين جزءا، وهو مطبوع عدة طبعات. وهو تفسير شامل فسّر فيه الطبري القرآن الكريم آية آية، وكلمة كلمة. وهو يقسّم السورة إلى مجموعات، تضم كل مجموعة آية أو أكثر، ويبدأ تفسير كل مجموعة بقوله: (القول في تأويل (٥) قوله تعالى... )، ثم يبيّن المعنى في إيجاز بأسلوبه وعبارته، ثم يقول: (وبمثل الذي قلنا في تأويل الآية قال جماعة من أهل التأويل)، ويعقب ذلك مباشرة بقوله: (ذكر من قال ذلك) فيذكر الروايات المنقولة في الآية أو الكلمة التي يفسرها عن النبي ﷺ أو مفسري الصحابة والتابعين وتابعيهم. وإذا كان هناك اختلاف في تفسير شيء من القرآن

(١) تاريخ بغداد ٢/ ١٦٣.
(٢) السيوطي: طبقات الحفاظ ص ٣٠٧.
(٣) مقدمة في أصول التفسير ص ٩٠، ومجموع الفتاوى (له) ١٣/ ٣٦١.
(٤) الإتقان ٤/ ٢١٣.
(٥) يستخدم الطبري كلمة (التأويل) مرادفة لكلمة (التفسير).


الصفحة التالية
Icon