الخط الأصيل، حتى صارت تفاسيرهم جديرة بالدرس في مجالس الفلسفة والكلام لا في مجالس الرياضات والمجاهدات والأحوال، أما عند القشيري فليس هناك مذهب عقلي خبيء، ولا عقيدة باطنية مستورة» (١).
أما القشيري فهو الأستاذ أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن، النيسابوري، الملقب زين الإسلام، ولد سنة ٣٧٦ هـ، وتوفي سنة ٤٦٥ هـ، كان فقيها بارعا، أصوليا محققا، متكلما سنّيا، محدثا حافظا، مفسرا متفننا، نحويا لغويا، أديبا كاتبا شاعرا، مليح الخط جدا، شجاعا بطلا، له في الفروسية واستعمال السلاح الآثار الجميلة (٢).
وهو صاحب (الرسالة) المشهورة الموصوفة بالرسالة القشيرية في التصوف، وكان قد أخذ التصوف عن أبي علي الدقاق خاصة.
وكان من جملة ما ألفه القشيري (التفسير الكبير)، ألفه قبل سنة ٤١٠ هـ، وهو من أجود التفاسير وأوضحها (٣)، استوفى فيه تفسير القرآن الكريم على الطريقة المعروفة بالاهتمام بالتفسير والاهتمام بفنون اللغة بما يوضح معاني الآيات (٤).
وألّف القشيري بعد ذلك تفسيره (لطائف الإشارات)، وهو تفسير صوفي للقرآن الكريم، وهو يعد أهم تفسير للقرآن الكريم على طريقة أرباب المجاهدات والأحوال.
والذي يعنينا من أمر هذا النوع من التفسير، الذي يسميه بعض الدارسين بالتفسير الإشاري، هو أن نقف على الحجة التي يستند إليها، وحقيقة المنهج الذي يسير عليه في تفسير آيات القرآن الكريم.

(١) إبراهيم بسيوني: مقدمة تحقيق لطائف الإشارات ١/ ٣٦.
(٢) ينظر: الداودي: طبقات المفسرين ١/ ٣٣٨ - ٣٤٦.
(٣) المصدر نفسه ١/ ٣٤٤.
(٤) إبراهيم بسيوني: مقدمة تحقيق لطائف الإشارات ١/ ٣٨.


الصفحة التالية
Icon