تعالى، قد تحدثوا عن أحسن طرق التفسير، وبينوا الخطوات التي يجب على المفسر أن يخطوها، والموقف الذي عليه أن يقفه من التراث التفسيري الذي أنتجته أجيال علماء الأمة السابقين. فقالوا (١):
فإن قال قائل فما أحسن طرق التفسير؟ فالجواب:
١ - إن أصح الطرق في ذلك أن يفسّر القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكان فإنه قد فسّر في موضع آخر، وما اختصر في مكان فإنه قد بسط في موضع آخر.
٢ - فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة، فإنها شارحة للقرآن وموضحة له، قال الطبري:
«فرسول الله ﷺ أعلم بما أنزل الله عليه، وليس لأحد مع قوله، الذي يصح عنه، قول» (٢). وقال ابن تيمية: «إن القرآن والحديث إذا عرف تفسيره من جهة النبي ﷺ لم يحتج في ذلك إلى أقوال أهل اللغة... ولا غيرهم» (٣).
٣ - فإذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة، فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرائن والأحوال التي اختصّوا بها، ولما لهم من الفهم التام، والعلم الصحيح، والعمل الصالح، لا سيما علماءهم وكبراءهم، كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين مثل عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس، رضي الله عنهم، وغيرهم.
٤ - وإذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنّة، ولا وجدته عن الصحابة، فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين، كمجاهد بن جبر المكي، وسعيد بن جبير، وعكرمة مولى ابن عباس، وعطاء، والحسن البصري، وأبي العالية، والربيع بن أنس، وقتادة، والضحاك، وغيرهم من التابعين وتابعيهم،

(١) ينظر: ابن تيمية: مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٦٣ - ٣٧٠، وابن كثير: تفسير القرآن العظيم ١/ ٤، والزركشي: البرهان ١٧٥.
(٢) جامع البيان ج ٢٥، سورة الدخان، آية ١٠.
(٣) مجموع الفتاوى ١٣/ ٢٧.


الصفحة التالية
Icon