وها هو زيد بن ثابت كاتب الوحي يقول: «إني لقاعد إلى جنب النبي ﷺ إذ أوحي إليه، وغشيته السكينة، فوضع فخذه على فخذي، قال زيد، فلا والله ما وجدت شيئا قطّ أثقل منها» وفي رواية: «فثقلت عليّ حتى خفت أن ترضّ فخذي» (١).
وكان مما لاحظه الصحابة عند نزول الوحي ما رواه عدد من المحدّثين عن عمر بن الخطاب أنه قال: «كان رسول الله ﷺ إذا نزل عليه الوحي يسمع عند وجهه دويّ كدويّ النحل» (٢).
إن المتأمل لحالة نزول الوحي في جانبيها الغيبي الذي وضّحه النبي ﷺ والمحسوس الذي وصفه الصحابة، رضي الله عنهم، يدرك أنها أبعد ما تكون عن حالة السبات الطبيعي الذي يعتري المرء في وقت حاجته إلى النوم، فإنها كانت تعرو النبي ﷺ قائما أو قاعدا أو سائرا أو راكبا، بكرة أو عشيا، وكانت تعروه فجأة وتنقضي في لحظات يسيرة، لا بالتدريج الذي يعرض للوسنان الذي يغفو ويغرق في النوم، كما أنها حالة تباين كليا تلك الأعراض المرضية والنوبات
العصبية التي تصفرّ فيها الوجوه، وتبرد الأطراف، وتصطكّ الأسنان، وتتكشف العورات، ويحتجب نور العقل، لأنها حالة تتسم بالجلال والوقار، وهي مبعث نور لا ظلمة، ومصدر علم لا جهالة (٣).

ابن عمرو: «أنزلت على رسول الله ﷺ سورة المائدة، وهو راكب على راحلته، فلم تستطع أن تحمله، فنزل عنها» قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٧/ ١٣): «رواه أحمد، وفيه ابن لهيعة، والأكثر على ضعفه، وقد يحسّن حديثه وبقية رجاله ثقات» وينظر:
الساعاتي: الفتح الرباني ١٨/ ١٢٥.
(١) ابن حجر: فتح الباري ٨/ ٢٥٩ - ٢٦٠.
(٢) عبد الرزاق: المصنف ٣/ ٣٨٣، والترمذي: كتاب السنن ٥/ ٣٠٥، والبيهقي: دلائل النبوة ٧/ ٥٥.
(٣) ينظر: محمد عبد الله دراز: النبأ العظيم ص ٧٠ وما بعدها.


الصفحة التالية
Icon