وورد هذا المعنى في حديث النبي ﷺ فقد روى البخاري عن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، أن رجلا اقترف إثما، فأتى رسول الله ﷺ فذكر ذلك كله، فأنزلت عليه: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ (١١٤) [هود]، فقال الرجل: ألي هذه؟ قال: لمن عمل بها من أمّتي (١). ومن ثمّ قال العلماء: «وقد تنزل الآية في معنى، ثم يكون داخلا في حكمها كل ما كان في معنى ما نزلت فيه» (٢).
المبحث الثامن عربيّة القرآن وعالمية رسالته
أولا- عربيّة القرآن:
لا بد أن تكون لغة الرسالة التي يحملها الرسول هي لغة قومه الذين يدعوهم إليها، حتى تحقق الغاية منها، وقد أكد القرآن الكريم هذه القاعدة في قوله تعالى:
وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٤) [إبراهيم]، ومعنى (بلسان قومه) أي بلغتهم (٣).
وقد جاء القرآن عربيا لأن الله تعالى أنزله على النبي العربي محمد ﷺ وأمره أن ينذر عشيرته الأقربين أولا، في مكة، فقال تعالى: وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (٧) [الشورى]، وأم القرى هي مكة (٤).
وبلغ عدد الآيات الكريمة التي تؤكد نزول القرآن باللغة العربية أكثر من عشر

(١) ابن حجر: فتح الباري ٨/ ٣٥٥.
(٢) الطبري: جامع البيان ج ٢٤ تفسير الآية ٣١ من سورة الزمر.
(٣) الطبري: جامع البيان ١٣/ ١٨١، والقرطبي: الجامع لأحكام القرآن ٩/ ٣٤٠.
(٤) الطبري: جامع البيان ٢٥/ ٨.


الصفحة التالية
Icon