وحججه، ويتعظوا بعظاته، ويتفكروا في آياته» (١). ومن المفسرين من قال إن معنى يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ: أنزلناه بلغتك، وكلا التفسيرين يؤولان إلى التيسير الذي خص الله به كتابه الكريم (٢).
ثانيا- عالمية رسالة القرآن:
ليس جديدا القول إن رسالة القرآن ودعوة الإسلام جاءت للناس عامة، ولا يتناقض ذلك مع كون القرآن أنزل باللغة العربية على النبي العربي محمد ﷺ وسط بلاد العرب، لأن البشرية لا تملك لغة عالمية يفهمها الجميع، فكان لا بد من أن تكون الرسالة الخاتمة بإحدى اللغات البشرية، ثم على المؤمنين من أبناء اللغات الأخرى أن يتعلموا من تلك اللغة ما يعرّفهم بمضمون تلك الرسالة. وقد بعث الله تعالى محمدا ﷺ بالرسالة، واللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ (١٢٤) [الأنعام] ومن ثمّ أنزل القرآن بالعربية، وكان العرب أول من تلقى الدعوة الجديدة، ثم حملوها إلى الناس أجمعين، قال ابن بطال القرطبي (علي بن خلف ت ٤٤٩ هـ): «إن الوحي كله إنما نزل بلسان العرب، ولا يرد على هذا كونه ﷺ بعث إلى الناس كافة عربا وعجما وغيرهم لأن اللسان الذي نزل عليه به الوحي عربي، وهو يبلغه إلى طوائف العرب، وهم يترجمونه إلى غير العرب بألسنتهم» (٣).
وجاءت آيات القرآن الكريم تؤكد هذا المعنى وتوضحه، قال الله تعالى:
وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (١٠٧) [الأنبياء].
وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٢٨) [سبأ].

(١) جامع البيان: ١٦/ ١٣٣ و ٢٥/ ١٣٨.
(٢) البيضاوي: أنوار التنزيل ٢/ ٤١ و ٢/ ٣٨٥.
(٣) نقلا عن ابن حجر: فتح الباري ٩/ ١٠.


الصفحة التالية
Icon