كتابا، ولا تعلم الكتابة، ووصف العرب بالأميين لأن أكثرهم كانوا لا يكتبون ولا يقرءون (١).
وكان بزوغ شمس الإسلام في بلاد العرب إيذانا بنهضة شاملة، كان أحد مظاهرها انتشار الكتابة واستخدامها في أغراض الحياة المتعددة على الرغم من قلة الكاتبين في بدء الدعوة، وصعوبة وسائل الكتابة، ولا يخفى على القارئ أن الأمر بالقراءة وذكر التعليم بالقلم في أول آيات أنزلت على رسول الله ﷺ شيء ذو دلالة أكيدة على عناية الدعوة الجديدة بالكتابة والعلم، كما أن تسمية القرآن بالكتاب في آيات كثيرة أمر يدل على استشرافها لآفاق المستقبل الذي يجمع فيه القرآن في كتاب.
كان رسول الله ﷺ أميّا، وكانت الأميّة في حقه فضيلة (٢)، لأنها أدلّ على صدق ما جاء به، قال الله تعالى: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ (٤٨) [العنكبوت]، لكنه مع ذلك اعتنى بموضوع الكتابة كثيرا، واتخذ له كتّابا يكتبون له الوحي، ويكتبون رسائله وعهوده وما كان يأمر به، حتى بلغ عدد كتّابه من صحابته أكثر من أربعين كاتبا (٣). وشجّع على تعلم الكتابة، حتى إنه جعل فداء أسرى بدر ممن لم يكن له مال أن يعلّم صبيان الأنصار الكتابة (٤)، فيعلّم كلّ واحد عشرة من المسلمين الكتابة (٥)، فقلّت الأمية بين العرب بعد انتشار الإسلام بينهم، وقد فسر ابن عباس كلمة (الكتاب) الواردة
(٢) ينظر: ابن عبد ربه: العقد الفريد ٤/ ١٦٠.
(٣) ينظر: ابن عبد البر: الاستيعاب ١/ ٦٩، والهوريني: المطالع النصرية ص ١٣.
(٤) ينظر: أبو عبيد: كتاب الأموال ص ١٢٨، ومسند الإمام أحمد ١/ ٢٤٧.
(٥) ابن سعد: الطبقات الكبرى ٢/ ٢٢.