جمع رقعة، وهي تطلق على ما كان يكتب عليه القرآن آنذاك (١). وقد قال البيهقي معلقا على هذا الحديث: «وهذا يشبه أن يكون أراد به تأليف ما نزل من الكتاب: الآيات المتفرقة في سورها، وجمعها فيها بإشارة النبي صلى الله عليه وسلم» (٢).
وبناء على ذلك نصّ العلماء على أن كتابة القرآن سنّة نبوية ثابتة حفظ الله تعالى بها القرآن من الزيادة أو النقصان أو التحريف، فقال الحارث المحاسبي (ت ٢٤٣ هـ): «كتابة القرآن ليست بمحدثة، فإنه ﷺ كان يأمر بكتابته، ولكنه كان مفرّقا في الرقاع والأكتاف والعسب» (٣). وقال أبو عمر الداني (ت ٤٤٤ هـ):
«إن رسول الله ﷺ سنّ جمع القرآن وكتابته وأمر بذلك وأملاه على كتبته، وأنه ﷺ لم يمت حتى حفظ القرآن جماعة من أصحابه» (٤).
وإنما لم يجمع القرآن في صحف منظمة أو مصحف واحد في حياة النبي ﷺ لأن القرآن كان ينزل مفرقا، فربما نزل بعض السورة وتأخر نزول تتمتها، فكانت الآيات تكتب على الرقاع وتراجع بين آونة وأخرى لترتيبها في سورها بتوجيه من النبي ﷺ «فلما ختم الله، عز وجل، دينه بوفاة نبيه ﷺ وكان قد وعد له حفظه بقوله عز وجل: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (٩) [الحجر]، وفّق الله خلفاءه لجمعه عند الحاجة إليه بين الدّفتين، وحفظه كما وعده» (٥).
(٢) دلائل النبوة ٧/ ١٤٧.
(٣) نقلا عن السيوطي: الاتقان ١/ ١٦٨.
(٤) جامع البيان ١٠ و.
(٥) البيهقي: دلائل النبوة ٧/ ١٥٤، وينظر: ابن حجر: فتح الباري ٩/ ١٢، والسيوطي:
الاتقان ١/ ١٦٤.