جمع وترتيب آيات السورة والواحدة، وطريقة ترتيب السور في المصحف (١).
وهذا الموضوع من الموضوعات التي درسها المؤلفون في علوم القرآن، لأن ترتيب الآيات والسور في المصحف لم يجر على ترتيب نزولها، ومن ثمّ بحث العلماء الأسس التي بني عليها هذا الترتيب، وتتناول دراسة الموضوع ثلاثة أمور: ترتيب الآيات في السور، وترتيب السور في المصحف، وترتيب القرآن حسب النزول.
أولا- ترتيب الآيات في السور:
قال السيوطي في كتابه (الإتقان في علوم القرآن): «الإجماع والنصوص المترادفة على أن ترتيب الآيات توقيفيّ، لا شبهة في ذلك، وأما الإجماع فنقله غير واحد، منهم الزركشي في البرهان (٢)، وأبو جعفر بن الزبير في مناسباته (٣)، وعبارته: ترتيب الآيات في سورها واقع بتوقيفه ﷺ وأمره، من غير خلاف في هذا بين المسلمين... » (٤). وذكر السيوطي عددا من النصوص التي بنى عليها علماء الأمة إجماعهم على أن ترتيب الآيات توقيفي أي أن رسول الله ﷺ هو الذي وقّف الصحابة عليه، وبيّنه لهم، ولم يكن باجتهادهم أو رأيهم، ننقل منها ما يوضح ذلك للقارئ:
فمنها الحديث الذي نقلناه سابقا المروي عن زيد بن ثابت، وقال فيه: «كنا عند رسول الله ﷺ نؤلّف القرآن من الرقاع» وقال البيهقيّ معلقا عليه: «وهذا يشبه

(١) ابن حجر: فتح الباري ٩/ ٣٩.
(٢) البرهان ١/ ٢٥٦.
(٣) هو كتاب (البرهان في تناسب سور القرآن) لأبي جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير الغرناطي المتوفى سنة ٧٠٨ هـ.
(٤) الاتقان ١/ ١٧٢.


الصفحة التالية
Icon