في سورها كان بأمره ﷺ وتعليمه للصحابة، «فالأمر الذي لا ريبة فيه أن الآيات قد جمعت سورا في عهد رسول الله ﷺ وبتوقيفه» (١).
ثانيا- ترتيب السور في المصحف:
لا يشك الدارس في أن الصحف التي جمع فيه القرآن في خلافة أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، كانت منظمة، وأن الآيات مرتبة في سورها كاملة، وأن السور فيها مرتبة على نحو ما جاء في المصاحف المنتسخة منها في خلافة عثمان، وأن المصاحف الموجودة اليوم كلها، المخطوطة والمطبوعة، الصغيرة والكبيرة، القديمة والحديثة، ترجع إلى تلك الصحف وتطابقها كل المطابقة، لأن الروايات الصحيحة في موضوع نسخ المصاحف تؤكد على أن الصحابة اعتمدوا على تلك الصحف في نسخها.
ولم يرد في الروايات أن الصحابة اختلفوا في موضع آية من سورة، أو اختلفوا في تقديم سورة أو تأخيرها في المصحف، فإن ذلك كان واضحا لديهم، ومعلوما عندهم، وكل ما ورد من ذلك هو سؤال عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما، للخليفة الراشد عثمان، رضي الله عنه، عن سبب عدم وضع البسملة في أول سورة التوبة، فبين له أن ذلك جاء متابعة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم. (٢).
وذهب كثير من العلماء إلى أن ترتيب السور في المصحف توقيفي، وأن هذا الترتيب محفوظ عن النبي ﷺ وإن لم يكن في زمنه مصحف مكتوب، وأن زيد بن ثابت حين جمع القرآن في الصحف رتبه على ذلك الترتيب باجتهاد لكن عددا من العلماء ذهب إلى جواز أن يكون ذلك الترتيب باجتهاد من الصحابة محتجا بوجود روايت تشير إلى أن بعض مصاحف الصحابة القديمة كانت السور فيها مرتبة على نحو مغاير (٣).

(١) محمد حسين هيكل: الصديق أبو بكر ص ٣٠٨.
(٢) ينظر: ابن أبي داود: كتاب المصاحف ص ٣١، والحاكم: المستدرك ٢/ ٢٢١.
(٣) ينظر: الباقلاني: نكت الانتصار ص ٨١ - ٨٢، والسيوطي: الاتقان ١/ ١٧٦.


الصفحة التالية
Icon