قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقوال (الم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف» (١). والأحاديث في فضل التلاوة كثيرة، سوف نشير إلى عدد منها في المبحث الآتي، إن شاء الله تعالى.
وكانت استجابة الصحابة، رضي الله عنهم، ومن تبعهم من سلف الأمة الصالح للتوجيه النبوي بتلاوة القرآن استجابة عظيمة، ملأت عليهم أوقاتهم في الهواجر والأسحار، يوضّح ذلك ما قاله الإمام النووي: «ينبغي أن يحافظ على تلاوته ليلا ونهارا، سفرا وحضرا، وقد كانت للسلف، رضي الله عنهم، عادات في القدر الذي يختمون فيه، فكان جماعة منهم يختمون في كل شهرين ختمة، وآخرون في كل شهر ختمة، وآخرون في كل عشر ليال ختمة، وآخرون في كل ثمان ليال ختمة، وآخرون في كل سبع ليال ختمة، وهذا فعل الأكثرين من السلف... وكثيرون في كل ثلاث، وكان كثيرون يختمون في كل يوم وليلة ختمة... وأما الذين ختموا القرآن في ركعة فلا يحصون لكثرتهم، فمنهم عثمان ابن عفان، وتميم الداريّ، وسعد بن جبير» (٢).
ولا شك في أن الإكثار من التلاوة له أثره العميق في تهذيب النفس وتقويم السلوك، فالله تعالى قال: يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٥٧) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (٥٨) [يونس]، وقال سبحانه: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً (٨٢) [الإسراء]، ففي القرآن شفاء من الوسوسة والقلق والحيرة، وفي القرآن شفاء من الهوى والطمع والحسد ونزعات الشيطان، في القرآن شفاء من شطط التفكير والشعور. وبذلك كان القرآن ذكرا من أفضل
(٢) الأذكار ص ٩٥ والتبيان ص ٢٦.