والاختراع يناسب وصفه عز وجل بالقدرة كما أن التعذيب والغفران فى الثانية يناسبها ذكر المآل فجاء على ما يناسب.
الآية العاشرة
قوله عز وجل: "وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يأت أحدا من العالمين "
وفى سورة إبراهيم: "وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبنائكم ويستحيون نسائكم وفى ذلكم بلاء من ربكم عظيم " فافتتح قول موسى لقومه فى سورة المائدة بندائهم ولم يقع نداؤهم فى سورة إبراهيم فيسأل عن الموجب لذلك وعن وجه الفرق؟
والجواب عن ذلك: أنه لما اعتمد فى آية المائدة تذكيرهم بضروب من الآلاء والنعم الجسام من جعل الأنبياء فيهم وجعلهم ملوكا وإعطائهم ما لم يعط غيرهم كا ذلك تعريفا باعتنائه سبحانه بهم وتفضيلهم على من عاصرهم وتقدمه من أمم الأنبياء قبلهم فناسب ذلك نداء موسى عليه السلام بقوله "يا قوم " بالاضافة إلى ضميره إنباء بالقرب والمزية وناسب هذا النداء المنبئ بالاعتناء ما تقدم من تخصيصهم بما عقب به النادء من التشريف بما منحهم من الآلاء والنعم الجسام ولما قصد فى آية سورة إبراهيم تذكيرهم بنجاتهم من آل فرعون وما كان يسومهم به من ذبح ذكور أبنائهم واستحياء نسائهم للمهنة ولم يذكر هنا شئ مما فى آية المائدة لما اقتصر عليه هنا من التذكير بمجرد الإنجباء فناسب ذلك الاقتصار على خطابهم دون النداء رعيا للمناسبة والله أعلم.
الآية الحادية عشرة:
قوله تعالى: "ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء والله على كل شئ قدير " وفى سورة الفتح: "ولله ملك السماوات والأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان الله غفورا رحيما " فقدم فى المائدة ذكر التعذيب وآخرفى سورة الفتح وأعقبت الأولى بقوله: "والله على كل شئ قدير " والثانية بقوله: "وكان الله غفورا رحيما " فهذان سؤالان.
والجواب عن الأول: أنه لما تقدم آية المائدة قوله تعالى: "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا... الآية " وقوله: "والسارق والسارقة... الآية " وقد وقع فى الآيتين ذكر تنكيل الطائفتين ممن حارب أو سرق مقدما فقيل فى الطائفة الأولى: "أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو