الروم: " قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين "
هنا سؤالان أحدهما: اختلاف حالاتهم فيما وسموا به فى أعقاب الآى من التكذيب والاجرام ومن التعامى عن النظر فى البدأة والنشأة الآخرة والاشراك مع أن الأمر للكل باعتبار إنما وقع بلفظ ولحد وهو قوله: "قل سيروا فى الأرض فانظروا " ثم تنوع ما أحيل عليه فى النظر واختلف وإذا لحظ الجواب عما وقع به التعقيب فى كل واحدة من هذه الآى تفصل إلى أربعة أسئلة والسؤال الثانى: اختلاف حرف العطف.
والجواب عن السؤال الأول على رعى التفصيل أنه لما تقدم آية الأنعام قوله تعالى: "فقد كذبوا بالحق لما جاءهم "والإشارة إلى أصناف المكذبين من المخاطبين وغيرهم ثم أشير إليهم بعد فى قوله: "ألم يروا كم أهكلنا من قبلهم من قرن "وكلهم إنما أهلك بإعراضه وتعاميه المؤديين إلى تكذيبه أح - يل من بعدهم على كل حال من تقدمهم فيما ذكر مكتفى الإعراض والتعامى بما تقدم فى الآى المذكورة قبل ومفصحا بالتكذيب المسبب عن ذلك فى قوله تعالى: "ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين " والتحم هذا بقوله: "فقد كذبوا بالحق لما جاءهم " على أتم مناسبة وأصحها.
وأما آية النمل فمنزلة على ما تقدم من قوله تعالى: "بل ادارك علمهم فى الآخرة بل هم فى شك منها بل هم منها عمون " وإنكارهم العودة بقولهم: "أئذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا لمخرجون لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين " وذلك بعد ما ذكر مما بسط لهم من واضح الدلالات وقدم لهم الشواهد البينة من لدن قوله تعالى: "أم من خلق السماوات والأرض "... الآية
المتكلم فيها فذكروا بما يشاهدونه ويعلمون أن آلهتهم لا تفعل ذلك فكان مرتكبهم بعد هذا إجراما وتعاميا عن الاعتبار بما ذكروا به فقيل لهم: سيروا فى الأرض فانظروا عواقب أمثالكم من المتعامين عن النظر ولم يقع قبل تفسير صريح وتكذيب وقد بسط من الاعتبار فى هذه الآى ما لم يبسط قبل آية الأنعام، فورد التعقيب هنا بوسمهم - أعنى الممحال - بالإجرام فقيل: "انظروا كيف كان عاقبة المجرمين " مناسب لما تقدم من اجترامهم مع الوضوح ومتابعة التذكير وإرااءة البراهين.
وأما آية العنكبوت فإن الله سبحانه لما قدم ذكر العودة الأخراويه بما يقوم مقام الإفصاح وتحصل المقصود من ذلك فى أربعة مواضع من هذه السورة على القرب


الصفحة التالية
Icon