المشركين " تنزيه عن عبادة النيرات وغيرها مما سواه تعالى وبان من هذا كله ما افتتحت به السورة من انفراده تعالى بخلق السماوات والأرض والظلمات والنور فوضح التناسب والتلازم.
وأما سورة الكهف فإنها لما انطوت على التعريف بقصة أصحاب الكهف ولقاء موسى عليه السلام الخضر وما كان من أمرهما وذكر الرجل الطواف وبلوغه مطلع الشمس ومغربها وبنائه سد يأجوج ومأجوج وكل هذا إخبار بما لا مجال للعقل فى إدراكه ولا تعرف حقبقته إلا بالوحى والإنباء الصدق الذى لا عوج فيه ولا أمت ولا
زيغ ناسب ذلك ذكر افتتاح السورة المعرفة بذلك الوحى المقكوع به قوله: "الحمد لله الذى أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا " والتناسب فى هذا أوضح من أن يتوقف فيه.
وأما سورة سبأ فلما تضمنت ما منح سبحانه داود وسليمان من تسخير الجبال والطير وإلانة الحديد ناسب ذلك ما به افتتحت السورة من أن الكل ملكه وخلقه فهو المسخر لها والمتصرف فى الكل بما يشاء فقال تعالى: "الحمد لله الذى له ما فى السماوات وما فى الأرض " وهذا واضح التناسب.
وأما سورة فاطر فمناسبة صفه تعالى باختراع السماوات والأرض لما ذكره من خلق عامري السماوات من الملائكة وجعلهم رسلاً أولى أجنحة وإمساكه السماوات والأرض أن تزولا أبين شئ وأوضحه وليس شئ من هذه الأوصاف العلية بمناسب لغير موضعه كمناسبة موضعه الوارد فيه.
فقد بان مجئ كل واحد منهما فى موضعه ملائماً لما اتصل به، والله أعلم.
والجواب عن السؤال الرابع: أن الخواتم والانتهاءات فى السور والآيات لما كان كان غير مقصود بها ما قصد فى المواضع المتقدمة وانما هى مشروعية للمؤمنين عند خواتم أعمالهم وانقضاء أمورهم وقع الاكتفاء فيها بقوله: "الحمد لله رب العالمين "، إذ فى طي ذلك اعتراف للمؤمن وعلمه بانفراد موجده جل وتعالى بالخلق والأمر وملك الدارين، وأهليته سبحانه وتعالى لكل ما تضمنت الأوصاف كلها فى السور المذكورة، وليس موضع توبيخ ولا تقريع فناسب الاكتفاء بما ذكر، والله أعلم.
الآية الثانية
قوله تعالى: "الحمد لله رب العالمين*الرحمن الرحيم*مالك يوم الدين " اتفق القراء السبعة على الاتباع فى هذه الصفات العلية وإجرائها على ما قبلها.
وقال تعالى فى سورة البقرة: "ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا