المسلمين فى ذلك اليوم وبشارة لهم بتوبة الله عليهم وإن ما وقع منهم من الفرار مغفور لهم رحمة من الله سبحانه فجاء كل هذا على ما يناسب ولا يلائم خلافه والله أعلم.
الآية الثانية قوله تعالى: " والله لا يهدى القوم الظالمين " وورد بعد هذا بآيات "والله لايهدى القوم الفاسقين " وبعد الحزب الأول من هذه السورة: "والله لا يهدى القوم الكافرين " وفى ذكر المنافقين من هذه السورة: "والله لا يهدى القوم الفاسقين " للسائل أن يسأل عن وجه افتراق أوصاف المذكورين فى هذه الآى بالظلم والفسق والكفر؟ وهل ذلك لداع من المعنى؟
والجواب أن كل وصف منها إنما جرى على ما تقدمه لداع مناسب من المعنى أما الآية الأولى فإن قبلها قوله تعالى: " أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد فى سبيل الله لا يستوون عند الله " وهؤلاء المقول لهم: "أجعلتم " إنما هم كفار قريش ممن ظلم نفسه بالتقصير فى النظر وظن أن عمله من سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كاف مخلص عند الله وأن المؤمن بالله واليوم الآخر المجاهد فى سبيل الله ليس بأفضل حالا وعملا منه فرد الله مقالهم وقيل لهم: "لا ستوون عند الله " ومن ظن ذلك كما ظننتم فظالم لنفسه من حيث قصر فى نظره مع تنبيهه على النظر فى وجه مابه خلاصه: "والله لايهدى القوم الظالمين " وهم الذين سبق فى علم الله أنهم لا يؤمنون بظلمهم أنفسهم ".
وأما الآية الثانية فكف ومنع للمؤمنين عن ارتكاب ماليس من شأنهم ألا ترى أن قبلها: "يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء " فنهوا عن موالاة من ذكر من آباءهم وإخوانهم إذا كانوا مؤثرين للكفر مستحبيه على الإيمان ثم قيل لهم: "ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون " ثم أعقب بقوله: "قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم " أى إن آثرتم ما ذكر وكان أحب إليكم "من الله ورسوله وجهاد فى سبيله فتربصوا حتى يأتى الله بأمره " أى أنكم إذا أنصفتم بهذا فقد خرجتم عن دينكم وفارقتم إيمانكم ولحقتم بمن كفر بعد إيمانه "والله لا يهدى القوم الفاسقين " والفاسق الخارج.
وأما الآية الثالثة فقبلها قوله تعالى: " إنما النسئ زيادة فى الكفر يضل به الذين كفروا "، ثم ذكر مرتكبهم فيه وتزيين ذلك لهم ولما قدر لهم من تماديهم فى