وعشرون كلمة أو نحوها وأقرب السور إليها مما يليها بعدها من غير المفتتحة بالحروف المقطعة من سورة النحل وهى أطول منها والوارد فيها مما تركب على الراء من كلمها مئتا كلمة مع زيادتها فى الطول عليها فلمجموع ما ذكرنا وردت فى الحروف المقطعة الراء مكان الميم الواردة فى لقمان وجاء كل على ما يجب ويناسب والله أعلم.
الآية الثانية من سورة يونس قوله تعالى: " ويعبدون من دون الله مالا يضرهم ولا ينفعهم " وقال فى الأنبياء: "قال أتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم " وقال فى سورة الفرقان: "ويعبدون من دون الله مالا ينفعهم ولا يضرهم " فقدم فى سورة يونس ما أخر فى سورة الأنبياء والفرقان فيسأل عن ذلك؟
والجواب عنه - والله أعلم - ان الموجب لتأخير "ولا ينفعهم " فى سورة يونس ما وصل به من قولهم: "ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله " فكأن قد قيل: ويعدبون من دون الله مالا يضرهم ولا ينفعهم ويزعمون أن ذلك ينفعهم لوم يكن ليناسب لو قيل: "ويعبدون من دون الله مالا ينفعهم ولا يضرهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله " تناسب الوارد من متصل قوله: "ولا ينفعهم " بقوله: "ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله " فلما كان الاتصال فيما ذكر أنسب وردت الآية بحسب ذلك.
أما آية الفرقان فإن قبلها ذكر دلائل وشواهد من مصنوعاته تعالى يهتدى المعتبر بالنظر فيها تخلصه من ورطات الشكوك ويستقيم له دينه وذلم أعظم النفع وأجله وقال تعالى: "ألم تر إلى ربك كيف مد الظل " إلى قوله: "وهو الذى خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان بك قديرا " فلما تقدم التنبيه بهذه الآيات الواضحات الموقظات من سنات الغفلات والمحصلات أعظم النفع فى امتثال الواجبات والنجاة من الضلالات ناسبها تقديم ما قدم فى الآية من قوله: "ويعبدون من دون الله ما لا يتفعهم ولا يضرهم " وصار الكلام بقوته مجاوبا لقوله: "أفمن يخلق كمن لا يخلق " وورد كل على ما يجب والله أعلم.
الآية الثالثة من سورة يونس: قوله تعالى: "قل من يرزقكم من السماء والأرض " وفى سورة سبأ: " قل من يرزقكم من السماوت والأرض " فأفرد لفظ السماء فى الأولى وجمع فى الثانية مع اتحاد المعنى والتساوى فى ألفاظ الآية غير ما ذكر فيسال عن ذلك؟


الصفحة التالية
Icon