مناسب لما قبله من تأمينهن على أنفسهن فيما يلزمهن فى مدة العدة المذكورة من إحداد وما يتعلق به وفيما يفعلن بعده فإن أضمرن أو كتمن شيئا لا يجوز فعلم الله سبحانه محيط بذلك وهو الخبير به ولما وقع فى الآية بعد قوله "فإن خرجن " وقام فيه احتمال أن يخرجن غير طائعات فيستعجلن أو يتعدين ناسبه ذكر قدرته سبحانه عليهن بالمعاقبة بما شاء أو العفو عن مرتكبهن فهو العزيز الذى لا مغالب له والذى لا يفوته هارب ولا يغيب عنه شئ.
الآية السابعة والثلاثون: قوله تعالى: "مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حية " وقال تعالى فى سورة يوسف: "وقال الملك إنى أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر " فالمعدود واحد والعدد واحد وقد اختلف المفسر للمعدود فورد فى سورة البقرة "سنابل " وبنيته فعائل من أبنية جمع الكثرة وفى سورة يوسف "سنبلات " وباب ما يجمع بالألف والتاء أن يكون للقيل ما لم يقتصر عليه أو يعرض عارض.
فللسائل أن يسأل عن الفرق الموجب لتخصيص كل من الموضعين بما ورد فيه؟
والجواب: أن آية البقرة مبنية على ما أعد الله للمنفق فى سبيله وما يضاعف له من أجر إنفاقه وان ذلك ينتهى إلى سبعمائة ضعف وقوله "والله يضاعف لمن يشاء " قد يفهم الزيادة على ما نص عليه من العدد كما أشارت إليه آيات وأحاديث فبناء هذه الآية على التكثير فناسب ذلك ورود المفسر على ما هو من أبنية الجموع للتكثير لحظا للغاية المقصودة ولم يكن ما وضعه للقيل فى الغالب ليناسب ما تلحظ فيه الغية من التكثير.
أما آية يوسف فإنما بناؤها على إخبار الملك عن رؤياه سبع سنبلات فلا طريق هنا للحظ كثرة ولا قلة لأنه إخبار برؤيا فوجهه الاتيان من أبنية الجموع بما يناسب المرئى وهو قليل لأن ما دون العشرة قليل فلحظ فى آية البقرة ما بعده مما يتضاعف إليه هذا العدد وليس فى آية يوسف ما يلحظ فافترق القصدان وجاء كل على ما يجب ويتاسب والله أعلم.
الآية الثامنة والثلاثون: قوله تعالى: "يمحق الله الربا ويربى الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم "، وفى سورة النساء: "إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل "، وفى موضع ثان بعد: "إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما " وفى سورة الحديد: "والله لا يحب كل محتال فخور الذين يبخلون ".


الصفحة التالية
Icon