٧٢)، فتأخر هذا في الترتيب والتلاوة عن قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) (البقرة: ٦٧). وفعلهم متقدم من جهة معناه لأنهم إنما أمروا بذبح البقرة عند تشاجرهم في أمر القتيل المشار إليه، فالآيتان في قوة أن لو قيل: وإذ قتلتم نفساً فادرأتم فيها فأمرتم بذبح البقرة فأوضح لكم ذلك حكم القتيل، فعلى هذا كانت تكون آية سورة الحج لو لم يرد قوله أولاً: (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ.... ) الآية، فكان ترتيب الآية على قصور أفهامنا وما عليه ترتيب الكتاب العزيز أعلى نظماً وأجل، ولكن أفهامنا قاصرة: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ * مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ) (الحج: ٧٣ - ٧٤) (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ) (الحج: ٦٢)، فقدم وأخر لعامل أيضاً على التقديم والتأخير لسنا الآن له، فهذه كأية البقرة سواء، ولما لم يقع في سورة لقمان مثل هذا لم يرد فيها التأكيد، وذلك أبين شيء وأنسبه، وإعراب هذا الضمير مبتدأ أو فصلاً، وثمرته التأكيد لما ذكر، والله أعلم.
الآية السابعة من سورة الحج: (قوله تعالى: (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (الحج: ٦٤)، وفي سورة لقمان: (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (لقمان: ٢٦)، للسائل أن يسأل عن زيادة (ما) في قوله في الآية الأولى: (وَمَا فِي الْأَرْضِ)؟ وزيادة لام الابتداء المؤكد في الجملة التي هي خبر إن وسقوط الحرفين في آية لقمان؟
والجواب: أن الزيادتين معاً للتأكيد، لا تدخل اللام الخبرَ لغير ذلك، وتكرار الموصول أيضاً لذلك فدخلتا في آية الحج لما قدرت الآية قبلها من السورة من بنائها على مقصود التأكيد فجواب هذين السؤالين حاصل مما تقدم. والله أعلم.
******