سورة الفرقان
الآية الأولى (منها) قوله تعالى: (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ) (الفرقان: ٣)، وفي سورة يس: (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ) (يس: ٧٤)، للسائل أن يسأل عن ورود اسمه سبحانه مضمراً في قوله سبحانه: (مِنْ دُونِهِ) في سورة الفرقان ومظهراً في قوله: (مِنْ دُونِ اللَّهِ) في سورة يس ما وجه ذلك؟
والجواب عنه: أن آية الفرقان تقدم قبلها اسمه سبحانه مكنياً عنه جل وتعالى في قوله: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا) (الفرقان: ١ - ٢)، فورد اسمه سبحانه مكنياً عنه ثماني مرات: أولها الموصول (وهو) الذي من قوله: (تَبَارَكَ الَّذِي)، وفاعل نزل المضمر، والضمير في (عَبْدِهِ) والموصول الثاني، والضمير المجرور باللام، والضمير الفاعل في (وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدً)، والضمير في (له) المجرور، والضمير الفاعل في (وخلق)، فلما تكرر اسمه مكنياً عنه ثماني مرات جرى بعد ذلك في قوله: (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ) مضمراً على حكم ما تقدم، ولو ورد مظهراً لم يكن ليناسب، وأما الوارد في سورة يس فتقدم قبل الآية قوله تعالى: (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (يس: ٦٠)، فلم يكن ورود اسم الله تعالى هنا مضمراً ليناسبه لو قيل: (واتخذوا من دونه لما تقدم قبله ذكر الشيطان وتحذيرهم من عبادته، فجاء كل من الآيتين على ما يجب ويناسب.
****