سورة السجدة
(الآية الأولى منها) قوله تعالى: (وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) (السجدة: ٢٠)، وفي سورة سبأ: (وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ) (سبأ: ٤٢)، للسائل أن يسأل عن صرف الوصف إلى العذاب أولاً فذكر فقيل: (الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) وصرفه ثانياً إلى النار فقيل: (الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا) فأنث الموصول والضمير، ما وجه ذلك؟
والجواب: أنهم يكذبون بالنار وبعذابها، وقد ورد العذاب مضافاً إليها في السورتين، والعذاب مذكر والنار مؤنثة، وعودة الضمير إلى كل من المضافين تحصل المقصود على السواء، فإنما يبقى السؤال عن تخصيص كل واحدة من السورتين بما ورد فيها؟
والجواب عنه: أن آية السجدة اقترن بها ما يستدعي أن يناسب وهو قوله تعالى: (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ) (السجدة: ٢١)، فلما تفصل ذكر العذاب إعلاماً بإلحاق ضريبة الأدنى والأكبر بمن جرى الوعيد لهم، والعذاب مذكر، وقد تكرر، فتأكد رعيه، فناسبه عودة الضمير قبله إلى العذاب المضاف إلى النار مذكراً ليجري ذلك كله مجرى واحداً. ولما لم يكن يتلو آية سورة سبأ ولا قبلها ما يستدعي ذلك، أعيد الضمير إلى النار مؤنثاً، ليحصل في السورتين ورود الوجهين الجائزين كما تقدم مع التناسب، والله أعلم.
***