ج- وقوله تعالى: وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ (١).
ولا يعقل أن يكون تفسير لم يستأثر الله- تعالى- بعلمه محظورا على الناظر المتدبر مع أنه طريق العلم وسبيل المعرفة.
الثانى: ثبت عن الصحابة الكرام- خاصة الذين كانت لهم عناية بالتفسير منهم- أنهم قرءوا القرآن، واختلفوا فى تفسيره فيما لم يسمعوه من النبىّ صلّى الله عليه وسلّم ولو لم يكن التفسير بالرأى جائزا لم اختلفوا وأبان كل منهم عن وجهة نظره واجتهاده فى الآيات.
الثالث: لو كان التفسير بالرأى غير جائز لما كان الاجتهاد جائزا ولتتوقف الأحكام، وهذا بيّن البطلان.
الرابع: ثبت أن النبىّ صلّى الله عليه وسلّم دعا لابن عباس- رضى الله عنهما- قائلا فى دعائه:
«اللهم فقهه فى الدين، وعلمه التأويل».
ولو كان التفسير مقصورا على السماع والنقل لما كانت هناك فائدة لتخصيص رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ابن عباس بالدعاء.
هذا ولو دققت النظر فى هذين القولين، وفى أدلتهما: لوجدت أن كلا منهما يحاول أن يتمسك برأيه ويطير به فرحا، ويتحفك بالأدلة كأنه أقنعك، وأبطل حجّة الخصم مع العلم بأن الخلاف لا يعدو أن يكون خلافا لفظيا لا حقيقيا.
ومع ذلك فلا يجوز- عند من يقول بعلم التفسير- أن يقدم على كتاب الله ليفسره عن الله- تعالى- ما لم يستجمع شروط المفسر وأدواته وهى كما يلى:

(١) النساء: ٨٣.


الصفحة التالية
Icon