الباب الثالث علم أسباب النزول نزل القرآن الكريم على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منذ أخبره الوحى أن «اقرأ» وكانت هذه أول الآيات حتى ختمت بقوله تعالى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ.
وما بين أول الآيات وآخرها نزولا توالى القرآن على مدى ثلاث وعشرين سنة يتنزل به الوحى وكان بشأن نزوله لا يخرج عن قسمين:
الأول: قسم أنزله الله ابتداء غير مرتبط بسبب من الأسباب الخاصة، وإنما كما يقول الزرقانى فى «مناهل العرفان». إنما هو لمحض هداية الخلق إلى الحق (١).
وهذا القسم هو غالب آيات القرآن الكريم.
الثانى: قسم أنزله الله تعالى لسبب من الأسباب الخاصة كحادثة الإفك، وظهار أوس بن الصامت من زوجته خولة بنت ثعلبة ومجادلتها للنبى صلّى الله عليه وسلّم وكأخذ النبى صلّى الله عليه وسلّم للأسرى وعتاب الله تعالى له ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ (٢) وغيرها.
وهذا القسم هو المعنى بهذه المحاضرة، وفيه كتب العلماء بحوثهم، وألفوا الكتب لبيان أسباب النزول، وحصر الآيات التى نزل القرآن بسببها، وبيان فائدته، وطريق معرفته، ومصادره، وصيغه الواردة به، والعمل به عند تعارض الروايات، وهذا ما سنلقى عليه ضوءا كافيا فيما يلى:
مبحث فى: التعريف بعلم أسباب النزول وفوائد معرفته
يمكن حصر ماهية هذا العلم بالقول أنه:
«العلم الذى يختص بمعرفة ما لبعض آى القرآن الكريم من سبب نزلت بشأنه، أو سؤال وقعت الآية جوابا عنه فى زمن نزول الوحى».
(٢) الأنفال: ٦٧.