أولا: كثرة الروايات والطرق المروية عن أول ما نزل وأنه على التعيين (اقرأ باسم ربك) مع صحة هذه الروايات كلها.
ثانيا: أن الاستعاذة والبسملة داخلتان فى هذه السورة، وفى كل سورة فى القرآن الكريم على ما حققه العلماء ما خلا سورة «براءة» فإنها خلت من البسملة.
وبذلك يكون القول الرابع مندرج فى القول الأول تأصيلا.
ثالثا: لا تعارض بين حديث عائشة- رضى الله عنها- وبين حديث جابر- رضى الله عنه- لأنه بالتأمل والنظر يجاب بما أجاب به السيوطى فى الإتقان عن إزالة هذا التعارض، وألخص هذه الأجوبة فيما يأتى:
(١) أول ما نزل هو «اقرأ» والسؤال لجابر- رضى الله عنه- كان عن أول سورة نزلت كاملة. و (اقرأ) نزلت فقط إلى (علم الإنسان ما لم يعلم).
(٢) أن أول ما نزل من الوحى الكريم هو (اقرأ) ثم فتر الوحى بعد ذلك مدة على ما هو معلوم من كتب السيرة، فكان أول ما نزل بعد فتور الوحى هو (يا أيها المدثر قم فأنذر)، فالمراد هنا أولوية مخصوصة لا أولوية مطلقة.
(٣) أن جابرا- رضى الله عنه- أجاب عن سؤال السائل مجتهدا، وليس هو من الرواة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فيقدم عليه رواية عائشة- رضى الله عنها.
(٤) أن الأولوية لآية (يا أيها المدثر)، (أولوية خاصة بالأمر بالإنذار، أى أنها أول آية نزلت فى «الإنذار».
(٥) أنها أولوية بسبب متقدم وهو ما وقع من تدثر النبى بسبب الخوف والرعب مما رآه أول مرة من صورة الملك. وأن (اقرأ) نزلت بغير سبب متقدم.
رابعا: أما عن القول «الثالث» بأن أول ما نزل هو (الحمد لله رب العالمين).
فقد نقل عن أبى بكر القاضى، فى كتاب «الانتصار». أن الخبر منقطع (١).

(١) مباحث فى علوم القرآن لمنّاع القطان ص ٦٨.


الصفحة التالية
Icon