يصح إنكار جزئية من جزئياته إذا صح ورودها طبقا للمواصفات العلمية الدقيقة التى حققها العلماء، ووضعوا ضوابطها.
فالسنة الثابتة بالنقل المحرر الدقيق، كالقرآن سواء بسواء تستقل بالتشريع ويثبت بها الأحكام، ومنكرها منكر للوحى.
قال تعالى: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (١).
وقوله تعالى: وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ (٢).
وقال صلّى الله عليه وسلّم: «ألا إنى أوتيت القرآن ومثله معه» (٣).
وقالت الصحابة- وهم الذين عاينوا الوحى وشاهدوه-: «كان جبريل ينزل بالسنة كما ينزل بالقرآن». «وسأل رجل عبد الله بن الشّخير- رضى الله عنه- كالمعترض: «حدثنا بالقرآن. كل يوم تقول قال رسول الله.. قال رسول الله!! أما تقل يوما قال الله؟! فقال له عبد الله: أما وإنك لرجل أحمق، والله ما نبغى عن الله بديلا، ولكنّا نريد من هو أعلم منّا بالله (يعنى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم).
يا هذا أو تجد الظهر فى كتاب الله أربعا لا يجهر فيه بالقراءة؟»

والواقع أن منكر السنة هو أصلا منكر للقرآن، لأن السنة والقرآن كليهما وحى مصدرهما النبىّ صلّى الله عليه وسلّم. فالذى أعلمنا بالقرآن هو النبى صلّى الله عليه وسلّم، ولولاه ما عرفنا القرآن فكيف ننكر قوله بالسنة؟.
ولا ينسحب هذا الكلام على ما انفك عن ضوابط العلم من نقل الرواة المجرحين، فالمجرحون من الرواة جنّبت رواياتهم، وغربلت، ووضعت تحت مجهر البحث العلمى والنقد الفنى المنضبط، وقسمت الروايات كلها إلى:

(١) الحشر: ٧.
(٢) الأحزاب: ٣٦.
(٣) النساء: ٨٠.


الصفحة التالية
Icon