اختلفوا- فى أمر صاروا إلى قول ابن عباس».
٣ - وقال عطاء: «ما رأيت أكرم من مجلس ابن عباس: أصحاب الفقه عنده، وأصحاب القرآن عنده، وأصحاب الشعر عنده، يصدرهم كلهم من واد واحد».
٤ - وقال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: «كان ابن عباس قد فات الناس بخصال: بعلم ما سبقه، وفقه فيما احتيج إليه من رأيه، وحلم ونسب، وتأويل، وما رأيت أحدا كان أعلم بمن سبقه من حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منه، ولا بقضاء أبى بكر، وعمر، وعثمان منه، ولا أفقه فى رأى منه، ولا أثقب رأيا فيما احتيج إليه منه.
ولقد كان يجلس يوما ولا يذكر فيه إلا الفقه، ويوما التأويل، ويوما المغازى، ويوما الشعر، ويوما أيام العرب، ولا رأيت عالما قط جلس إليه إلا خضع له، وما رأيت سائلا قط سأله إلا وجد عنده علما».
فلا غرابة بعد ذلك أن يكون علم ابن عباس- رضى الله عنه- فى مقام رفيع بين أصحاب النبى صلّى الله عليه وسلّم، وأن يلقبه محمد بن الحنفية ب «حبر الأمة»، بعد أن دفنه بيده فى الطائف قال «مات والله اليوم حبر هذه الأمة».
ولعل أصدق عبارة تشرح منزلة ابن عباس- رضى الله عنه- فى وضوح لا لبس فيه ولا غموض تلك الجملة الفائقة العظيمة للإمام عليّ- كرم الله وجهه- يقرظ علم ابن عباس فى التفسير فيقول: «كأنما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق».
منزلة ابن عباس فى التفسير
إنك لتستطيع أن تتبين منزلة ابن عباس فيما أثر عنه من روايات توضح مدى اجتهاده فى تقريب المعنى المراد من كلام الله تعالى بقلب مؤمن؛ وعقل واع رشيد، وذاكرة حافظة لشعر العرب ولغاتهم.
* أخرج البخارى عن ابن عباس: قال: قال عمر يوما لأصحاب النبى صلّى الله عليه وسلّم:
«فيمن ترون هذه الآية نزلت أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ (١). قالوا: الله أعلم، فغضب عمر، فقال: قولوا نعلم أو لا نعلم، فقال