ثالثا: حرصه الشديد على ملازمة كبار الصحابة للأخذ عنهم ما فاته خاصة الأنصار، يقول ابن عباس- رضي الله عنه-: «وجدت عامة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم عند الأنصار فإنى كنت لآتى الرجل فأجده نائما، لو شئت أن يوقظ لى لأوقظ، فأجلس على بابه تسفى على وجهى الريح حتى يستيقظ متى ما استيقظ، وأسأله عما أريد ثم أنصرف» (١).
رابعا: بلوغه مرتبة الاجتهاد، وعدم تحرجه منه، وشجاعته فى بيان ما يعتقد أنه الحق، وما ذلك إلا عن علم أوتيه.
خامسا: عنايته الفائقة، واهتمامه البالغ بلغة القرآن، يبحث عنها فى ألسنة العرب ولهجاتهم خاصة فى دواوين الشعر القديم، ويرى أن الشعر هو ديوان العرب وأصل لغتهم، فلا يمنعه مانع من أن يسافر فى سبيل كلمة من كتاب الله تعالى غاب فهم معناها عنه. يقول: «ما كنت أعرف معنى «يحور» فى قوله تعالى:
إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (٢) حتى كنت فى البادية فسمعت أعرابية تقول لابنتها وقد تركت غنمهما، لماذا تركت الغنم؟ حورى. أى ارجعى».
أدوات التفسير عند ابن عباس ومصادره
من هذا العرض السريع تعرف قيمة ابن عباس ومنزلته فى التفسير كما يمكن استخلاص أهم مصادر التفسير عند ابن عباس وأدواته فى النقاط التالية:
١ - رسول الله صلى الله عليه وسلّم هو المصدر الأول لدى ابن عباس بطبيعة الحال، بحكم التربية والملازمة له فى صغره.
٢ - الصحابة- رضوان الله عليهم- خاصة كبارهم والسابقين منهم إلى الإسلام وعلى رأسهم الخلفاء الأربعة، وأبىّ بن كعب، وعبد الله بن مسعود، ومتقدمو الأنصار.

(١) الإتقان للسيوطى ٤/ ٢٠٥.
(٢) الانشقاق: ١٤.


الصفحة التالية
Icon