أما النوع الأول: فقد اختلف العلماء فى حكم الأخذ به، والرجوع إليه وعدم العدول عنه إلى غيره إلى رأيين:
أ- ذهب فريق إلى أن الموقوف على الصحابى لا يجب الأخذ به، ويمكن العدول عنه إلى رأى مجتهد آخر، لأن الصحابى فى قوله الخاص غير المسند إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مجتهد كسائر المجتهدين فلنا أن نأخذ به، أو بقول مجتهد آخر غيره، لأن كليهما يخطئ ويصيب.
ب- وذهب آخرون إلى أن «موقوف الصحابى» لا يعدل عنه إلى غيره، ويجب الأخذ به لظن سماعهم له من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولأنهم حتى وإن فسروا القرآن بآرائهم واجتهاداتهم الشخصية فآراؤهم أقرب إلى الصواب ممن بعدهم، فهم أدرى الناس وأعلم بكتاب الله- تعالى- باعتبارات كثيرة منها أنهم: أهل اللسان، وصحبتهم لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم وتخلقهم بأخلاقه، ولما لهم من العلم الصحيح والفهم الدقيق لا سيما علماؤهم وقراؤهم، ومنها أنهم شاهدوا نزول القرآن ووعوا أسبابه فيم نزل، وفى أى شىء، ومتى.
حتى قال السيوطى فى الإتقان: «اعلم أن القرآن قسمان: قسم ورد تفسيره بالنقل، وقسم لم يرد.
والأول: إما أن يرد عن النبىّ صلّى الله عليه وسلّم، أو الصحابة، أو رءوس التابعين. فالأول:
يبحث فيه عن صحة السند، والثانى: ينظر فى تفسير الصحابى، فإن فسره من حيث اللغة فهم أهل اللسان فلا شك فى اعتماده، أو بما شاهدوه من الأسباب والقرائن فلا شك فيه» (١).
ولقد وضّح العلامة ابن كثير فى مقدمة «تفسير القرآن العظيم» هذا المعنى