وفي قد أفلح: (كُلّ ما جاءَ أُمَةٌ رَسُولُها كَذّبوه).
والأمم مختلفة في الوجود فحرف " ما " وقع على تفاصيل موجودة ففصل: وهذا على خلاف حال الحرف الذي قال فيه تعالى: (كُلّما جاءَهُم رَسولٌ بِما لا تَهوى أَنفُسُهُم فَريقاً كَذبوا وَفَريقاً يَقتلون) فإن هؤلاء هم بنو إسرائيل أمة واحدة. يدلك عليه قوله تعالى: (فَلِمَ تَقتُلونَ أَنبِياءَ اللَهِ مِن قَبلُ إِن كُنتُم مُؤمِنين) والحاضرون على عهد رسول الله ﷺ لم يباشروا قتل الأنبياء من قبل إنما باشره آباؤهم، لكن مذهبهم في ذلك واحد ورأيهم فيه سواء. فحرف " ما " إنما شمل تفاصيل الزمان. وهو تفصيل لا مفصل له في الوجود إلا بالعرض والتوهم، لا بالحس. فوصلت كل لإتصال الأزمنة في الوجود وتلازم أفرادها المتوهمة.
وكذلك: (كُلَما رُزِِقوا مِنها مِن ثَمَرَةٍ رِزقاً قالوا) هذا موصول لأن حرف " ما " جاء لتعميم الأزمنة. ولا تفصيل فيها في الوجود. وما رزقوا هو غير مختلف لقوله تعالى: (وَأَتَوا بِهِ مُتَشابِهاً)


الصفحة التالية
Icon