﴿عَفا الله عَنْك لما أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذين صدقُوا﴾ يَعْنِي: مَنْ لَهُ عذرٌ ﴿وَتَعْلَمَ الْكَاذِبين﴾ أَيْ: مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ. قَالَ قَتَادَةُ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنت لَهُم﴾ اشْتَدَّتْ عَلَيْهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - بَعْدَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ النُّور: ﴿فَإِذا استئذنوك لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُم﴾ فَنَسَخَتِ الآيَةَ الَّتِي فِي بَرَاءَةَ.
﴿لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم﴾ فَيَتَخَلَّفُوا عَنْكَ، وَلا عُذْرَ لَهُمْ
﴿إِنَّمَا يستئذنك الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخر﴾ كَرَاهِيَة للْجِهَاد ﴿وارتابت قُلُوبهم﴾ أَيْ: شَكَّتْ فِي اللَّهِ - عَزَّ وَجل - وَفِي دينه
﴿وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عدَّة﴾ يَعْنِي: الْمُنَافِقِينَ.
﴿وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انبعاثهم﴾ خُرُوجَهُمْ؛ لِمَا يَعْلَمُ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ عُيُونٌ لِلْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ؛ وَلِمَا يَمْشُونَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ بِالنَّمِيمَةِ وَالْفَسَادِ ﴿فَثَبَّطَهُمْ﴾ أَي: صرفهم
﴿لَو خَرجُوا فِيكُم﴾ يَقُولُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴿مَا زَادُوكُمْ إِلا خبالا ولأوضعوا خلالكم﴾ أَيْ: مَشُوا بَيْنَكُمْ بِالنَّمِيمَةِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: الْوَضْعُ فِي اللُّغَةِ: سُرْعَةُ السَّيْرِ؛ يُقَالُ: وَضَعَ الْبَعِيرُ


الصفحة التالية
Icon