﴿واتل عَلَيْهِم﴾ اقْرَأْ عَلَيْهِمْ ﴿نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ﴾ أَيْ: خَبَرَهُمَا: ﴿إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا﴾ الْآيَةَ.
قَالَ الْكَلْبِيُّ:
كَانَتْ حَوَّاءُ تَلِدُ فِي [كُلِّ] بَطْنٍ اثْنَيْنِ: غُلَامًا وَجَارِيَةً؛ فَوَلَدَتْ فِي أَوَّلِ بَطْنٍ قَابِيلَ وَأُخْتَهُ، وَفِي الْبَطْنِ الثَّانِي هَابِيلَ وَأُخْتَهُ؛ فَلَمَّا أَدْرَكُوا، أُمِرَ آدَمُ أَنْ يَنْكِحَ قَابِيلُ أُخْتَ هَابِيلَ، وَهَابِيلُ أُخْتَ قَابِيلَ؛ فَقَالَ آدَمُ لِامْرَأَتِهِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ، فَذَكَرَتْهُ لِابْنَيْهَا فَرَضِيَ هَابِيلُ بِالَّذِي أُمِرَ بِهِ وَسَخِطَ قَابِيلُ لِأَنَّ أُخْتَهُ كَانَتْ أَحْسَنَهُمَا؛ فَقَالَ: مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهَذَا قَطُّ، وَلَكِنَّ هَذَا عَنْ أَمْرِكَ يَا آدَمُ ﴿قَالَ آدَمُ: فَقَرِّبَا قُرْبَانَكُمَا؛ فَأَيُّكُمَا كَانَ أَحَقَّ بِهَا، أَنْزَلَ اللَّهُ نَارًا مِنَ السَّمَاءِ فَأَكَلَتِ الْقُرْبَانَ. فَرَضِيَا بِذَلِكَ؛ فَعَمَدَ هَابِيلُ، وَكَانَ صَاحِبَ مَاشِيَةٍ إِلَى خَيْرِ غِذَاءٍ غَنَمِهِ وَزُبْدٍ وَلَبَنٍ، وَكَانَ قَابِيلُ زَرَّاعًا فَأَخَذَ مِنَ ثَمَرِ زَرْعِهِ، ثُمَّ صَعِدَا الْجَبَلَ وَآدَمُ مَعَهُمَا، فَوَضَعَا الْقُرْبَانَ عَلَى الْجَبَلِ فَدَعَا آدَمُ رَبَّهُ، وَقَالَ قَابِيلُ فِي نَفْسِهِ: مَا أَدْرِي أَيُقْبَلُ مِنِّي أَمْ لَا؟ لَا يَنْكِحُ هَابِيلُ أُخْتِي أَبَدًا، فَنَزَلَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْ قُرْبَانَ هَابِيلَ، وَتَجَنَّبَتْ قُرْبَانَ قَابِيلَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ زَاكِيَ الْقَلْبِ، فَنَزَلُوا مِنَ الْجَبَلِ [فَانْطَلَقَ قَابِيلُ إِلَى هَابِيلَ وَهُوَ فِي غَنَمِهِ فَقَالَ: لَأَقْتُلَنَّكَ] قَالَ: لِمَ؟﴾ قَالَ: لِأَنَّ اللَّهَ تَقَبَّلَ مِنْكَ، وَرَدَّ عَلَيَّ قُرْبَانِي، [وَتَنْكِحُ أُخْتِيَ الْحُسْنَى، وَأَنْكِحُ أُخْتَكَ الْقَبِيحَةَ] وَيَتَحَدَّثُ النَّاسُ بَعْدَ الْيَوْمِ أَنَّكَ خَيْرٌ مني.
فَقَالَ لَهُ هَابِيلُ: ﴿لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بباسط يَدي إِلَيْك لأقتلك﴾ (ل ٨٢)
﴿إِنِّي أُرِيد أَن تبوء﴾ ترجع ﴿بإثمي وإثمك﴾ قَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي: بِإِثْمِي: قَتْلِي، وَإِثْمِكَ: الَّذِي مَضَى؛ يَعْنِي: مِنْ قبل قَتْلِي.


الصفحة التالية
Icon