قَالَ الْحَسَنُ: يَحْشُرُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - الأَوْثَانَ الْمَعْبُودَةَ فِي الدُّنْيَا بِأَعْيَانِهَا، فَتُخَاصِمُ مَنْ كَانَ عَبَدَهَا
﴿هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أسلفت﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي: تُخْتَبَرُ ثَوَابَ مَا أَسْلَفَتْ فِي الدُّنْيَا. وَهِيَ تُقْرَأُ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ (تَتَلُو) أَيْ: تَتَّبِعُ.
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: هَذَا فِي الْبَعْثِ لَيْسَ أحدٌ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا مِنْ دُونِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - إِلا وَهُوَ مرفوعٌ لَهُ ﴿وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُم الْحق﴾ رَبُّهُمُ الْحَقُّ، وَالْحَقُّ اسمٌ مِنْ أَسمَاء الله عز وَجل.
ثُمَّ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: (قل) لَهُمْ ﴿مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْض﴾ وَهُوَ عَلَى الاسْتِفْهَامِ ﴿أَمَّنْ يَمْلِكُ السّمع والأبصار﴾ أَيْ: يُذْهِبُهَا أَوْ يُبْقِيهَا. ﴿وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّت من الْحَيّ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي: يُخْرِجُ النَّاسَ الأَحْيَاءَ مِنَ النُّطَفِ، وَالنُّطَفَ مِنَ النَّاسِ الأَحْيَاءِ، وَالأَنْعَامُ مِثْلُ ذَلِكَ، وَالنَّبَاتُ مِثْلُ ذَلِكَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: يَعْنِي: يُخْرِجُ الْمُؤْمِنَ مِنَ الْكَافِرِ، وَالْكَافِرَ مِنَ الْمُؤْمِنِ ﴿وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمر﴾ فِيمَا يُحْيِي وَيُمِيتُ وَيَقْبِضُ وَيَبْسُطُ ﴿فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ﴾ وَأَنْتُمْ تُقِرُّونَ بِاللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَفْعَلُ هَذِهِ الأَشْيَاءَ، ثُمَّ لَا تَتَّقُونَهُ وَتَعْبُدُونَ هَذِه الْأَوْثَان من دونه!
﴿فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بعد الْحق إِلَّا الضلال﴾ يَعْنِي: أَنَّ أَوْثَانَكُمْ ضلالٌ وباطلٌ ﴿فَأنى تصرفون﴾ فَكَيْفَ تُصْرَفُ عُقُولُكُمْ فَتَعْبُدُونَ غَيْرَهُ؟!
﴿كَذَلِك حقت كَلِمَات رَبك﴾ أَيْ: سَبَقَ قَضَاؤُهُ (عَلَى الَّذِينَ فسقوا


الصفحة التالية
Icon