﴿والجان﴾ يَعْنِي: إِبْلِيسَ؛ فِي تَفْسِيرِ قَتَادَةَ ﴿خلقناه مِنْ قَبْلُ﴾ أَيْ: مِنْ قَبْلِ آدم ﴿من نَار السمُوم﴾ يَعْنِي: سَمُومَ جَهَنَّمَ.
قَالَ محمدٌ: وَالسَّمُومُ مِنْ صِفَاتِ جَهَنَّمَ وَهُوَ شِدَّةُ حَرِّهَا، وَالْجَانَّ مَنْصُوبٌ بِفْعِلِ مضمرٍ؛ الْمَعْنَى: وَخَلَقْنَا الْجَانَّ خَلَقْنَاهُ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلا إِبْلِيسَ أَبَى أَن يكون مَعَ الساجدين﴾ تَفْسِيرُ ابْنِ عباسٍ: " لَوْ لَمْ يَكُنْ إِبْلِيسُ مِنَ الْمَلائِكَةِ لَمْ يُؤمر بِالسُّجُود ".
قَالَ الْحسن:
أَمر بِاللَّه بِالسُّجُودِ كَمَا أَمَرَ الْمَلائِكَةَ؛ فَأَبَى أَنْ يَسْجُدَ مَعَهُمْ، وَكَانَ خَلْقُ إِبْلِيسَ مِنْ نارٍ، وَخَلْقُ الْمَلائِكَةِ مِنْ نورٍ.
قَالَ محمدٌ: (إِلا إِبْلِيسَ) منصوبٌ بِاسْتِثْنَاءٍ لَيْسَ مِنَ الأَوَّلِ؛ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا رَبَّ الْعَالمين﴾ الْمَعْنَى: لَكِنَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ قَالَ: إِنَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمَلائِكَةِ.
وَقِيلَ: إِنَّ إِبْلِيسَ كَانَ اسْمُهُ: عَزَازِيلُ، وَإِنَّ اللَّهَ لَمَّا لَعَنَهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ أَبْلَسَ مِنْ رَحْمَتِهِ؛ أَيْ: يَئِسَ؛ فَسَمَّاهُ: إِبْلِيس.
سُورَة الْحجر من الْآيَة (٣٢) إِلَى الْآيَة (٤٤).