﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبهم الْوَسِيلَة﴾ يَعْنِي: الْقُرْبَةَ، تَفْسِيرُ ابْنِ مَسْعُودٍ: قَالَ: نَزَلَتْ فِي نَفَرٍ مِنَ الْعَرَبِ كَانُوا يَعْبُدُونَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ، فَأَسْلَمَ الْجِنِّيُّونَ وَلَمْ يُعْلَمْ بِذَلِكَ النَّفَرُ مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ الله: ﴿أُولَئِكَ الَّذين يدعونَ﴾ يَعْنِي: الْجِنِّيِّينَ الَّذِي يُعْبَدُونَ هَؤُلَاءِ ﴿يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أقرب﴾ الْآيَةُ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: (أَيُّهُمْ أَقْرَبُ) (أَيهمْ) رفع بِالِابْتِدَاءِ، وَالْخَبَر (أقرب) الْمَعْنَى: يَطْلُبُونَ الْوَسِيلَةَ إِلَى رَبِّهِمْ، وَيَنْظُرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ إِلَيْهِ؛ أَيْ: بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ أَقْرَبُ إِلَيْهِ يَتَوَسَّلُونَ بِهِ.
﴿وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلا نَحْنُ مهلكوها﴾ (ل ١٨٦) يُخَوِّفُهُمْ بِالْعَذَابِ ﴿كَانَ ذَلِكَ فِي الْكتاب مسطورا﴾ أَي: مَكْتُوبًا.
﴿وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآيَاتِ﴾ إِلَى قَوْمِكَ يَا مُحَمَّدُ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ سَأَلُوا الْآيَاتِ ﴿إِلا أَنْ كذب بهَا الْأَولونَ﴾ وَكُنَّا إِذَا أَرْسَلْنَا إِلَى قَوْمٍ بِآيَةٍ فَلَمْ يُؤْمِنُوا أَهْلَكْنَاهُمْ؛ فَلِذَلِكَ لَمْ نُرْسِلْ إِلَيْهِمْ بِالْآيَاتِ؛ لِأَنَّ آخِرَ كُفَّارِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أُخِّرُوا إِلَى النَّفْخَةِ.
قَالَ قَتَادَةُ: " إِنَّ أهل مَكَّة قَالُوا للنَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: إِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا وَسَرَّكَ أَنْ نُؤْمِنَ؛ فَحَوِّلْ لَنَا الصَّفَا ذَهَبًا! فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ كَانَ الَّذِي سَأَلَكَ قَوْمُكَ، وَلَكِنْ إِنْ هُمْ لَمْ يُؤْمِنُوا لَمْ يُنْظَرُوا، وَإِنْ شِئْتَ اسْتَأَنَيْتَ بِقَوْمِكَ. قَالَ: لَا؛ بَلْ أَسْتَأَنِي بِقَوْمِي ".


الصفحة التالية
Icon