﴿وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى﴾ تَفْسِيرُ قَتَادَةَ: يَقُولُ: مَنْ كَانَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا أَعْمَى عَمَّا عَايَنَ فِيهَا مِنْ نِعَمِ اللَّهِ وَخَلْقِهِ وَعَجَائِبِهِ، فَيَعْلَمُ أَنَّ لَهُ مَعَادًا، فَهُوَ فِيمَا يَغِيبُ عَنْهُ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ أَعْمَى ﴿وَأَضَلُّ سَبِيلا﴾ أَيْ: طَرِيقًا.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهَذَا من عمى الْقلب؛ أَي: هُوَ فِي الْآخِرَةِ أَشَدُّ عَمًى وَأَضَلُّ سَبِيلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ طَرِيقا إِلَى الْهِدَايَة.
﴿وَإِن كَادُوا﴾ أَي: قد كَادُوا ﴿لَيَفْتِنُونَك﴾ أَيْ: يَسْتَزِلُّونَكَ ﴿عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْك﴾ يَعْنِي: الْقُرْآنَ ﴿لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذا لاتخذوك خَلِيلًا﴾ لَو فعلت ذَلِك
﴿وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاك﴾ عَصَمْنَاكَ ﴿لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئا قَلِيلا﴾
﴿إِذا لأذقناك﴾ لَو فعلت ﴿ضعف الْحَيَاة﴾ أَيْ: عَذَابُ الدُّنْيَا ﴿وَضِعْفَ الْمَمَاتِ﴾ أَيْ: عَذَابَ الْآخِرَةِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: الْمَعْنَى: ضِعْفَ عَذَابِ الْحَيَاةِ، وَضِعْفَ عَذَابِ الْمَمَاتِ. قَالَ قَتَادَةُ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ قَوْمًا خَلَوْا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ يُكَلِّمُونَهُ وَيُفَخِّمُونَهُ، وَكَانَ فِي قَوْلِهِمْ أَنْ قَالُوا:
يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ تَأْتِي بِشَيْءٍ لَا يَأْتِي بِهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، وَأَنْتَ سَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا | فَمَا زَالُوا يُكَلِّمُونَهُ حَتَّى كَادَ يُقَارِبُهُمْ يَلَيِنُ لَهُمْ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عصمه من ذَلِك. |