﴿وَاذْكُر فِي الْكتاب﴾ يَقُولُ للنَّبِيِّ: اقْرَأْ عَلَيْهِمْ أَمْرَ مَرْيَم ﴿إِذْ انتبذت﴾ يَعْنِي: إِذِ انْفَرَدَتْ ﴿مِنْ أَهْلِهَا مَكَانا شرقيا﴾ إِلَى قَوْله: ﴿تقيا﴾ كَانَ زَكَرِيَّا كِفْلُ مَرْيَمَ، وَكَانَتْ أُخْتُهَا تَحْتَهُ، وَكَانَتْ تَكُونُ فِي الْمِحْرَابِ، فَلَمَّا أَدْرَكَتْ، كَانَتْ إِذَا حَاضَتْ أَخْرَجَهَا إِلَى مَنْزِلِهِ إِلَى أُخْتِهَا، وَإِذَا طَهُرَتْ رَجَعَتْ إِلَى الْمِحْرَابِ، فَطَهُرَتْ مَرَّةً، فَلَمَّا فَرَغَتْ مِنْ غُسْلِهَا قَعَدَتْ فِي مَشْرَفَةٍ فِي نَاحِيَةِ الدَّارِ، وَعَلَّقَتْ عَلَيْهَا [ثَوْبًا] سُتْرَةً؛ فَجَاءَ جِبْرِيلُ إِلَيْهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فِي صُورَةِ آدمى،
فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ: ﴿إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنْ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا﴾ قَالَ الْحَسَنُ: تَقُولُ: إِنْ كُنْتَ تقيا لله فاجتنبني
﴿قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِيهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا﴾ أَيْ: صَالحا
﴿قَالَت أَنى يكون﴾ مِنْ أَيْنَ يَكُونُ ﴿لِي غُلامٌ وَلم يمسسني بشر﴾ أَيْ: يُجَامِعْنِي زَوْجٌ ﴿وَلَمْ أَكُ بغيا﴾ (ل ٢٠٢) أَي: زَانِيَة
﴿قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَليّ هَين﴾ أَنْ أَخْلُقَهُ ﴿وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَة منا﴾ أَيْ: لِمَنْ قَبِلَ دِينَهُ ﴿وَكَانَ أمرا مقضيا﴾ يَعْنِي: كَانَ عِيسَى أَمْرًا مِنَ اللَّهِ مَكْتُوبًا فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أَنَّهُ يَكُونُ. فَأَخَذَ جِبْرِيلُ جَيْبَهَا بِأُصْبَعِهِ فَنَفَخَ فِيهِ، فَصَارَ إِلَى بَطْنِهَا، فَحَمَلَتْ. قَالَ الْحَسَنُ: حَمَلَتْهُ تِسْعَة أشهر فِي بَطنهَا