خَافَ قوم أَن يؤاخذوا بِمَا عمِلُوا فِي الْجَاهِلِيَّة، فَقَالُوا: أَيّنَا لم يفعل فَأنْزل اللَّه: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا على أنفسهم﴾ [بالشرك] ﴿لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾ الَّتِي كَانَت فِي الشّرك ﴿إِنَّهُ هُوَ الغفور الرَّحِيم﴾ وَأنزل: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر﴾ أَي: بعد إسْلَامهمْ ﴿وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ﴾ أَي: بعد إسْلَامهمْ ﴿وَلا يَزْنُونَ﴾ أَي: بعد إسْلَامهمْ إِلَى قَوْله: ﴿إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عملا صَالحا﴾ الْآيَة، وَقد مضى تَفْسِيرهَا
﴿وأنيبوا إِلَى ربكُم﴾ يَقُوله للْمُشْرِكين: أَقْبِلُوا إِلَى ربكُم بالإخلاص لَهُ
﴿وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ من ربكُم﴾ وَهُوَ أَن يَأْخُذُوا بِمَا أَمرهم اللَّه بِهِ، وينتهوا عَمَّا نَهَاهُم اللَّه عَنْهُ ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يأتيكم الْعَذَاب بَغْتَة﴾ فَجْأَة ﴿وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾.
﴿أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ﴾ أَي: فِي أَمر اللَّه ﴿وَإِنْ كنت لمن الساخرين﴾ أَي: كنت أسخر فِي الدُّنْيَا بِالنَّبِيِّ وَالْمُؤمنِينَ.
قَالَ محمدٌ: ﴿أَنْ تَقول نفس﴾ مَعْنَاهُ: خَوْفَ أَن تَقُولُ نفسٌ إِذا صَارَت إِلَى (حَال) الندامة، وَالِاخْتِيَار فِي الْقِرَاءَة: (يَا حسرتا).
تَفْسِير سُورَة الزمر من الْآيَة ٥٧ إِلَى آيَة ٦٣.


الصفحة التالية
Icon