﴿وَجَعَلنَا بَينهم﴾ أَي: وَكُنَّا جعلنَا بَينهم ﴿وَبَيْنَ الْقرى الَّتِي باركنا فِيهَا﴾ يَعْنِي: أَرض الشَّام ﴿قُرًى ظَاهِرَةً﴾ أَي: مُتَّصِلَة؛ ينظر بَعْضهَا إِلَى بعض ﴿وقدرنا فِيهَا السّير﴾ (ل ٢٧٧) تَفْسِير الْكَلْبِيّ: يَعْنِي المقيل وَالْمَبِيت ﴿سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنْينَ﴾ كَانُوا يَسِيرُونَ مسيرَة أَرْبَعَة أشهر فِي أَمَان لَا يُحَرك بَعضهم بَعْضًا، وَلَو لَقِي الرجلُ قاتِلَ أَبِيه لم يحركه
﴿فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا﴾ قَالَ الْحَسَن: ملوا النِّعْمَة؛ كَمَا ملّت بَنو إِسْرَائِيل المنَّ والسَّلوى. قَالَ الله ﴿وظلموا أنفسهم﴾. بشركهم ﴿فجعلناهم أَحَادِيث﴾. لمَن بعدهمْ ﴿وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ﴾ أَي: بدَّدْنا عظامهم وأوصالهم [فأكلهم] التُّرابُ.
قَالَ: محمدٌ وَقد قِيلَ فِي قَوْله: ﴿وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ﴾ أَي: مزّقناهمْ فِي الْبِلَاد؛ لأَنهم لما أذهب الله جنتيهم وغرق مكانهم تبدّدُوا فِي الْبِلَاد؛ فَصَارَت الْعَرَب تتمثل بهم فِي الْفرْقَة فَتَقول: تفرّقوا أَيدي سبأ، وأيادي سبأ؛ إِذا أخذُوا فِي وجوهٍ مُخْتَلفَة.
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَات لكل صبار﴾ على أَمر الله ﴿شكور﴾ لنعمة الله وَهُوَ الْمُؤمن.
سُورَة سبأ الْآيَات من الْآيَة ٢٠ حَتَّى الْآيَة ٢٢.


الصفحة التالية
Icon