أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشًا} يَعْنِي: قُوَّة ﴿فَنَقَّبُوا فِي الْبِلاَدِ﴾ أَي: جوّلوا؛ فِي قِرَاءَة من قَرَأَهَا بالتثقيل، يَقُول: جوَّلوا فِي الْبِلَاد حِين جَاءَهُم الْعَذَاب، وَمن قَرَأَهَا بِالتَّخْفِيفِ يَقُول: فجالوا فِي الْبِلَاد ﴿هَلْ مِن مَّحِيصٍ﴾ هَل من ملْجأ يلجئون إِلَيْهِ من عَذَاب اللَّه، فَلم يَجدوا ملْجأ حَتَّى هَلَكُوا.
قَالَ محمدٌ: (نقبوا فِي الْبِلَاد) أَي: طافوا وفتَّشوا، وَهُوَ الَّذِي أَرَادَ يحيى، وَمثله قَول امْرِئ الْقَيْس:
(وَقَدْ نَقَّبْتُ فِي الآفاقِ حَتَّى | رَضِيتُ مِنَ الغَنِيمَةِ بِالإِيَابِ) |
قَوْله: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ﴾ وَهُوَ الْمُؤمن ﴿أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ تَفْسِير مُجَاهِد: أَو ألْقى السّمع، وَالْقلب شَهِيد.
قَالَ محمدٌ: الْمَعْنى: اسْتمع كتاب اللَّه وَهُوَ شاهدُ الْقلب والفهم، لَيْسَ بغافلٍ وَلَا ساهٍ، وَهَذَا مَا أَرَادَ مُجَاهِد.
﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾ وَالْيَوْم مِنْهَا ألف سنة ﴿وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ﴾ من إعياء؛ وَذَلِكَ أَن الْيَهُود - أعداءُ اللَّه - قَالَت: لما فرغ اللَّه من خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض أعيى فاستلقى وَوضع إِحْدَى رجليْه على الْأُخْرَى استراح. فَأنْزل اللَّه: ﴿وَلَقَد خلقنَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ الْآيَة، لَيْسَ كَمَا قَالَت الْيَهُود.
قَالَ مُحَمَّدٌ: الْأَجْوَدُ فِي الْقِرَاءَةِ (لغوب) بِضَم اللَّام يُقَال مِنْهُ: لَغَبَ -
الصفحة التالية