قَالَ: فَيُعْظِمُ لِلنَّارِ وَتَزْرَقُّ عَيْنَاهُ ويَسْوَدّ وَجْهُهُ، ويُكسى سَرَابِيلَ الْقَطْرَانِ وَيُقَالُ لَهُ: انْطَلِقْ إِلَى أَصْحَابِكَ؛ فَأَخْبِرْهُمْ إِنَّ لِكُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ مِثْلَ هَذَا. فَيَنْطَلِقُ وَهُوَ يَقُولُ: ﴿يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ يَا ليتها كَانَت القاضية﴾ يتَمَنَّى الْمَوْت
﴿هلك عني سلطانيه﴾ تَفْسِيرُ ابْنِ عَبَّاسٍ هَلَكَتْ عَنِّي حُجَّتي.
قَالَ اللَّهُ: ﴿خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيم صلوه﴾ أَي: اجعلوه يَصْلَي الْجَحِيم
﴿ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا﴾ اللَّهُ أَعْلَمُ بِأَيِّ ذِرَاعٍ ﴿فاسلكوه﴾ فَيُسْلَكُ فِيهَا، تَدْخُلُ مِنْ فِيهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ دُبُره، وَلَوْ أَنَّ حَلْقَةً مِنْهَا وُضِعَتْ عَلَى جَبَلٍ لَذَابَ؛ فَيُنَادِي أَصْحَابَهُ: هَلْ تَعْرِفُونَنِي؟ فَيَقُولُونَ: لَا وَلَكِنْ قَدْ نَرَى مَا بِكَ مِنَ الخِزْي فَمَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ أَنَا فُلانُ ابْنُ فُلانٍ إِنَّ لِكُلِّ إِنْسَانٍ مِنْكُم مثل هَذَا
قَالَ اللَّهُ: ﴿فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَا هُنَا حميم﴾ أَي: شفيقُ يَنْفَعهُ
﴿وَلا طَعَامٌ إِلا مِنْ غِسْلِينٍ﴾ يَعْنِي: غُسَالَةُ أَهْلِ النَّارِ: القيْح والدّمُ
﴿لَا يَأْكُلهُ إِلَّا الخاطئون﴾ الْمُشْرِكُونَ.
قَالَ محمدٌ: الِاخْتِيَارُ أَنْ يُوقَفَ عَلَى الْهَاءَاتِ الَّتِي مَضَتْ فِي قَوْله ﴿كِتَابيه﴾ ﴿حسابيه﴾ و ﴿ماليه﴾ و ﴿سلطانيه﴾ وَتُوصَلُ، وَقَدْ حَذَفَهَا قومٌ فِي الوصْل؛ وَهُوَ خِلافُ الْمُصْحَفِ ذَكَرَهُ الزَّجَّاج. تَفْسِير سُورَة الحاقة من آيه (٣٨ - ٤٦)