قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَلِيٍّ ثُمَّ أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَكَلَ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ، وَجَمِيعُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَهْلُ بيته حتى شبعوا جميعاً. قالت: وبقيت الجفنة كما هي. قالت: فَأَوْسَعَتْ بِبَقِيَّتِهَا عَلَى جَمِيعِ الْجِيرَانِ، وَجَعَلَ اللَّهُ فيها بركة وخيراً كثيراً (رواه الحافظ أبو يعلى عن جابر بن عبد الله)
- ٣٨ - هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ
- ٣٩ - فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ
- ٤٠ - قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِي الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ
- ٤١ - قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَاذْكُرْ رَّبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ
لَمَّا رَأَى زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ إن الله يَرْزُقُ مَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلَامُ فَاكِهَةَ الشِّتَاءِ فِي الصَّيْفِ وَفَاكِهَةَ الصَّيْفِ فِي الشِّتَاءِ، طَمِعَ حِينَئِذٍ في الولد، وإن كان شيخاً كبيراً قد وهن منه العظم، واشتعل الرأس شَيْباً، وكانت امرأته مع ذلك كبيرة وعاقراً، ولكنه مَعَ هَذَا كُلِّهِ سَأَلَ رَبَّهُ وَنَادَاهُ نِدَاءً خَفِيًّا، وَقَالَ: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ﴾ أَيْ مِنْ عِنْدِكَ ﴿ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً﴾ أَيْ وَلَدًا صالحاً ﴿إِنَّكَ سَمِيعُ الدعآء﴾ قال تَعَالَى: ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ﴾ أَيْ خَاطَبَتْهُ الْمَلَائِكَةُ شِفَاهًا خِطَابًا أَسْمَعَتْهُ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي مِحْرَابِ عِبَادَتِهِ، وَمَحَلِّ خلوته ومجلس مناجاته وصلاته، ثم أخبر تعالى عَمَّا بَشَّرَتْهُ بِهِ الْمَلَائِكَةُ ﴿أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بيحيى﴾ أي يولد يُوجَدُ لَكَ مِنْ صُلْبِكَ اسْمُهُ يَحْيَى. قَالَ قتادة: إنما سمي يحيى لأن الله أَحْيَاهُ بِالْإِيمَانِ، وَقَوْلُهُ ﴿مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ﴾ روى الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ الله﴾ أي بعيسى بن مريم، وقال الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: هُوَ أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَ بعيسى بن مَرْيَمَ، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ يحيى وعيسى ابني خالى، وَكَانَتْ أَمُّ يَحْيَى تَقُولُ لِمَرْيَمَ: إِنِّي أَجِدُ الَّذِي فِي بَطْنِي يَسْجُدُ لِلَّذِي فِي بَطْنِكِ فذلك تَصْدِيقُهُ لَهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَ عِيسَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ عِيسَى، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهَكَذَا قَالَ السدي أيضاً.
وقوله تعالى: ﴿وَسَيِّداً﴾ قال أبو العالية حليماً، وَقَالَ قَتَادَةُ: سَيِّدًا فِي الْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ، وَقَالَ ابن عباس: السيد الحليم التقي، وقال ابن الْمُسَيَّبِ: هُوَ الْفَقِيهُ الْعَالِمُ، وَقَالَ عَطِيَّةُ: السَّيِّدُ في خُلُقه ودينه، وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: هُوَ الشَّرِيفُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ الْكَرِيمُ عَلَى اللَّهِ عزَّ وَجَلَّ.
وَقَوْلُهُ تعالى: ﴿وَحَصُوراً﴾ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ ومجاهد أنهم قالوا: الَّذِي لَا يَأْتِي النِّسَاءَ، وَعَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ وَالرَّبِيعِ بْنِ أنَس: هُوَ الَّذِي لَا يُولَدُ له ولا ماء له، وعن عبد الله بن عمروا بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ: لَيْسَ


الصفحة التالية
Icon