على رؤوس الأشهاد ﴿ألا إن عادا كَفَرُواْ رَبَّهُمْ﴾ الآية، قَالَ السدُّي: مَا بُعِثَ نَبِيٌّ بَعْدَ عَادٍ إِلَّا لُعِنُوا عَلَى لِسَانِهِ.
- ٦١ - وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مجيب
يقول تعالى: ﴿وَ﴾ لقد أَرْسَلْنَا ﴿إِلَى ثَمُودَ﴾ وَهْمُ الَّذِينَ كَانُوا يَسْكُنُونَ مَدَائِنَ الْحِجْرِ بَيْنَ تَبُوكَ وَالْمَدِينَةِ وَكَانُوا بَعْدَ عَادٍ فَبَعَثَ اللَّهُ مِنْهُمْ ﴿أَخَاهُمْ صَالِحاً﴾ فَأَمَرَهُمْ بعبادة الله وحده، وَلِهَذَا قَالَ: ﴿هُوَ أَنشَأَكُمْ مِّنَ الْأَرْضِ﴾ أَيِ ابتدأ خلقكم منها خلق أباكم آدم،
﴿واستعمركم فِيهَا﴾ أي جعلكم عماراً تعمرونها وتستغلونها، ﴿فاستغفروه﴾ لسالف ذنوبكم ﴿ثُمَّ
توبوا إليه﴾ فيما تسقبلونه ﴿إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ الآية.
- ٦٢ - قالوا يا صالح قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَآ أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مريب
- ٦٣ - قال يا قوم أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ
يَذْكُرُ تَعَالَى مَا كَانَ مِنَ الْكَلَامِ بَيْنَ صَالِحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَبَيْنَ قَوْمِهِ وَمَا كَانَ عَلَيْهِ قَوْمُهُ مِنَ الْجَهْلِ وَالْعِنَادِ فِي قَوْلِهِمْ: ﴿قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَذَا﴾ أَيْ كُنَّا نَرْجُوكَ فِي عَقْلِكَ قَبْلَ أَنْ تَقُولَ مَا قُلْتَ ﴿أَتَنْهَانَآ أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا﴾، وَمَا كَانَ عَلَيْهِ أَسْلَافُنَا، ﴿وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ﴾ أي شك كثير، ﴿قال يا قوم أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي﴾ فِيمَا أَرْسَلَنِي بِهِ إِلَيْكُمْ عَلَى يَقِينٍ وَبُرْهَانٍ، ﴿وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ﴾، وَتَرَكْتُ دَعْوَتَكُمْ إِلَى الْحَقِّ وَعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ، فَلَوْ تَرَكْتُهُ لَمَا نَفَعْتُمُونِي وَلَمَا زِدْتُمُونِي ﴿غَيْرَ تَخْسِير﴾ أَيْ خَسَارَةٍ.
- ٦٤ - وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ
- ٦٥ - فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ
- ٦٦ - فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمَئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ
- ٦٧ - وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ
- ٦٨ - كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ إِلاَّ أَن ثَمُودَ كَفَرُوا ربهم ألا بعدا لثمود
تقدم في الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْقِصَّةِ مُسْتَوْفًى فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ ها هنا وبالله التوفيق.